الحياة تخفي الكثير من الكنوز فالأرض تخفي في باطنها أهم الكنوز وهي الثروات والعناصر الثمينة وكذلك الجبال الصماء تخفي في جوفها الكثير من المعادن الثمينة وقس على ذلك الكثير من الكنوز التي نالت الكثير من الاهتمام ولكن هناك كنزٌ من نوعٍ خاص،كنز من جنسك ومن فصيلتك،قد يهمله الكثير وقد يعتبره آخرين بأنه مجرد أمر عادي جدا،هذا الكنز يفرِّط فيه الكثير رغم أنه نادرُ جدًا ويزداد ندرةً في عالمنا المعاصر، إنه الصديق .. الكنز الثمين. *** الصديق قالوا عنه الكثير وكتبوا عنه الكثير وضربوا فيه أروع الأمثلة وسطروا فيه أيضا أجمل الحكم والأبيات الجميلة فقال احدهم (الصداقة كنز ثمين لا يعرف قدره ألا صانعوه ، وثمرة نادرة شهية لا تينع إلا بعد حراثة وعناية)، وقال آخر:(رب أخ لم تلده أمي ) ،وقال ثالث: (إذا أردت أن تتعرف إلى إنسان راقب أصدقاءه فكما يكونون يكون) بينما سطر الشعراء أجمل أبياتهم عن الصديق فالإمام الشافعي سطر أجمل أبياته عن الصديق فقال: سَلامٌ عَلى الدُّنْيا إِذَا لَمْ يَكُنْ بِهَا **** صَدِيقٌ صَدُوقٌ صَادِقُ الوَعْدِ مُنْصِفَا **** كثير منا قد فرط في هذا الكنز الثمين لأسباب متعددة منها ما هو مقبول مثل عدم المعرفة بالشخص إلا سطحيا أو انطوائية الشخص أو غيرها من الأسباب المقبولة وأخرى غير مقبولة وهم الذين فرطوا في ذلك الكنز بعد أن أخذوا ما يريدونه منه من مصلحة وانقضت ولا علاقة لهم بمصلحة أخرى معه فيخسرون هذا الكنز بفعل أنفسهم لأنهم لا يبحثون إلا عن المصالح وهؤلاء خسروا الكثير من الكنوز بسبب هذه الأفعال والتصرفات الخاطئة. **** استغرب في هذا الزمن الذي قل ما تجد فيه الصديق الصدوق أن يخسر الشخص أمثال هؤلاء لأسباب تافهة كان بالإمكان أن يتم اجتنابها وتجاوز عقبتها لأنها من توافه الأمور ولا تضر بمصلحة أحد لكن ترى التفريط قد حدث بسهولة تامة مع أنه يعلم جيدا أنه لن يجد مثله أو أفضل منه في زمن التقلبات التي تعصف بالآخرين من حيث يعلمون وما لا يعلمون. **** الصديق تجده في أصعب المواقف يقف بجوارك ويساندك بكل ما أوتي من قوة واستطاعة ويحاول أن يشاركك في مشاعرك ولا يجرحك أو يعكر صفو أجوائك وكأنه قطعة منك في صورة حية مباشرة أمام عينيك. مثل هؤلاء هل يفرط فيهم بكل سهولة؟ ** كثير من الأصدقاء لا تستطيع أن توفيهم حقوقهم مهما حاولت أن تقدم لهم من عبارات الشكر والثناء والتبجيل إلا أن تقول لهم "جزاكم الله خيرا" وعندها فقد أبلغت في الثناء كما في معنى نص حديث نبينا محمد صلى الله عليه وسلم : ( إذا قال الرجل لأخيه : جزاك الله خيرا ، فقد أبلغ في الثناء(. أو كما قال عليه الصلاة والسلام. *** نصيحتي لكل إنسان أن يحافظ على أصدقائه بشكل عام وعلى المقربين والأوفياء بشكل خاص وأن لا يخسر أحدهم وأن يحاول أن ينمي تلك الصداقة عبر مجالات أخرى غير المجالات التي تكونت فيها هذه العلاقة من اجل تقويتها وزيادة أواصرها. ليكن قلبنا عامرا بالحب لهؤلاء الذين يستحقون الحب ،وليكن اختيارنا للصديق مميزا ولتكن العلاقة جيدة متميزة. كل ذلك من أجل أن نحافظ على هذا الصديق.. الكنز الثمين