ليس هناك أجمل من أن يكون لك صديق ممزوج بنكهة الأخ.. يفهمك دون أن تتكلم.. يفرح لفرحك ويحزن لحزنك وتجده بجوارك وقت الشدة والأزمات.. شيء جميل أن يكون لك صديقاً مخلصاً تثق فيه.. تحكي له همومك وتلجأ له في وقت الضيق فتجده سنداً وعوناً.. والمحظوظ في الدنيا هو من اهدته الحياة صديقاً صدوقاً حميماً لا يتغير أو يتبدل.. عندها ينطبق عليه مقولة: "رب أخ لك لم تلده أمك".. فالأصدقاء يزرعون حياتنا فرحاً ولحظات تومض كنجمة مضيئة في سماء ذاكرتنا ومن يفعل شيء تحبه ليسعدك هو من يحبك بصدق والصديق الحقيقي هو االذي يظن بك الظن الحسن وإذا أخطأت في حقه غير قاصد يلتمس لك العذر. فالصداقة علاقة راقية جداً.. فقط تحتاج إلى أناس يعرفون معنى الوفاء وهم في هذه الحالة يشبهون النهر في طهره وعذوبته لأن الصداقة مصطلح إنساني عظيم، وهي تلك العلاقة الحميمة المغلفة بالحب والصفاء والمتوجة بالإخلاص والأمانة والوفاء فهي البيت الدافئ حين نلقى المتاعب ونتقاسم الهموم ونتبادل الأسرار، نضحك معاً ونحزن معاً. والصداقة الحقيقية أصبحت من الحاجات الضرورية للحياة لا نستطيع أن نعيش بلا أصدقاء مهما توفرت الخبرات، فالأصدقاء هم الملاذ الذي نلجأ إليه وقت الشدة والضيق.. وهي ضرورية للشباب لأنها تمده بالنصائح التي تحميه من الذلل، ومهمة الكبار حين يتقدم العمر ويضعف البدن. وفي هذا الزمن الذي تندر فيه الصداقات الحقيقية فلابد أن يتشبث الإنسان بكل صداقة قديمة كان عطاؤها دفئاً بكل صديق وفي.. لكن وللأسف هناك من الأصدقاء والأصحاب حين تلجأ إليهم في ضيقة أزمة أو مشكلة تجدهم يديرون لك ظهورهم وكأنهم لا يعرفونك ولا يوجد بينك وبينهم رابط الصداقة والمحبة وهؤلاء ينطبق عليهم كلمات شعر الإمام الشافعي حين يقول: لا خير في ود امرئ متلون اذا الريح مالت مال حيث تميل جواد إذا استغنت عن أخذ ماله وعند احتمال الفقر عنك بخيل فما أكثر الأصحاب حين تعدهم ولكنهم في النائبات قليل ويقول الغمام الشافعي: "إن ضاق رزق اليوم فاصبر إلى الغد عسى نكبات الدهر عنك تزول والمشكلة التي يعاني منها البعض أن يتصادق شخصان منذ الصغر.. تربيا سوياً ودرسا في المراحل المختلفة معاً حتى تخرجا وبدءا حياتهما العملية وللأسف تجدهما بعد كل سنوات الصداقة الحميمة بينهما يختلفان على أتفه الأمور وأصغر الأسباب فتضيع صداقتهما في ثواني معدودات دون عقل يتدبر أو قلب يفطن.. فليس من الصعب أن تضحي من أجل صديق.. ولكن الصعب أن تجد الصديق الذي يستحق، لأن الصداقة كصحة الإنسان لا تشعر بقيمتها النادرة إلا حين تفقدها. والصداقة هي صفاء القلوب وهي معدن ثمين تظهر قيمته الحقيقية عند الأزمات وبعض الصداقات تغنيك عن جميع من خذلك في يوم ما لأن الصديق الحقيقي هو الذي يكون معك في السراء والضراء، وفي الفرح والحزن وفي السعة والضيق وفي الغنى والفقر،هو الذي ينصحك إذا رأى عيبك، ويشجعك إذا رأى منك الخير ويعينك على العمل الصالح.. وهو الذي يحبك في الله دون مصلحة مادية أو معنوية ويفيدك بعمله وعلمه وصلاحه وأدبه وأخلاقه وهو الذي يفرح إذا احتجت إليه ويسرع لخدمتك دون مقابل ويتمنى لك ما يتمنى لنفسه.