فالتقليد سهل ، واﻹبداع والتميز يحتاجان إلى جهد ، وهو فتح من الله تعالى ( ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها ) ، وإذا تأملت حال المدارس المصرية القديمة تجد فيها إبداعا وتميزا وفي مقدمتهم : الشيخ عبد الباسط عبد الصمد والشيخ محمود الحصري والشيخ محمود المنشاوي والشيخ أحمد البنا والشيخ محمد رفعت والشيخ سعيد نور . والمتفحص في المدارس السعودية الحديثة يجد أنها قد أخذت نصيبا وافرا من هذا الإبداع والتميز وفي مقدمتهم: الشيخ علي الحذيفي والشيخ عبد الباري الثبيتي والشيخ صلاح بدير والشيخ إبراهيم اﻷخضر والشيخ محمد أيوب والشيخ عبد الرحمن السديس والشيخ سعود الشريم والشيخ عبد الله خياط والشيخ عبد الله الخليفي والشيخ على جابر رحمهم الله جميعا . ناهيك عن تميز كثير من القراء على مستوى العالم اﻹسلامي كالشيخ أحمد الطرابلسي والشيخ الطنيجي والشيخ محمد عبد الكريم والشيخ مشاري العفاسي والشيخ ابو بكر الشاطري . ومن لم أذكر اسمه ففي القلب رسمه . أما كثير من القراء اليوم فمقلدون فسرعان ما يأتي الواحد منهم بشريط ويسمعه ثم يصبح نسخة منه ، والغريب في الأمر أن المقلد ربما يحظى بشعبية تفوق شعبية اﻷصل ، وقد يجحد المقلد بعد هذه الشعبية الأصل الذي قلده ، ويعتبر نفسه هو الأصل ، إلا إذا كذبه الحس والعقل ... وعش رجبا ترى عجباً ! المقلد لا يعرف معنى الملكية الفكرية ولا حقوق حماية المؤلف ﻷنه لو عرف ذلك لما قلد . وفي الغرب حفظوا حقوق الناس جميعا حتى في الصوت إذ لا يمكن ان يعتدي احد على أحد حتى في صوته ﻷن القضاء ينصفه ويعطيه حقه ويكون التعويض بالملايين احيانا وبالمليارات احيانا أخر . والمشكلة أنك تجد في الساحة الآن وفي كثير من التسجيلات اﻹسلامية مئات من القراء يقلدون مع وجود اﻷصل حيا من غير أخذ إجازة منهم ، ولا هم لهم سوى إصدار مصحف وأشرطة بطريقة ( النسخ واللصق ) ولا إبداع فيها ، ويعتبر عملهم تكرارا للموجود وفيه إساءة على اﻷصل للتعدي الواضح . والقانون العام الدولي للملكية الفكرية وحماية حقوق المؤلف حفظ للشخص صوته فليتق الله كل مقلد وليحاول أن يبتكر لنفسه صوتا جديدا مميزا ، والنبي صلى الله عليه وسلم قال( المتشبع بما لم يعط كلابس ثوبي زور ) . وأتساءل هل يجوز للمقلد أن ينزل شريطا في السوق وأن يتكسب منه بصوت غير صوته ؟ وهل يعتبر كسبه حلالا ؟ وهل يجوز له أن يتعاقد مع شركة الاتصالات ليعطيهم تلاوات وأذكارا ويأخذ أجرا بصوت شخص آخر يقلده في ذلك ؟ وما معنى الملكية الفكرية إذا ؟ وهل هناك فرق بين الملكية الفكرية وحماية حقوق المؤلف في الكتب واﻷشرطة واﻷصوات ، أم أن المسألة مفتوحة كما نراها اليوم ، ألا يعد ذلك عبثا ؟ بقلم د. عبد الودود حنيف اﻷستاذ المشارك بجامعة ام القرى