القارئ ناصر بن عبدالله العبيد إمام جامع المطوع بحي الروضة في الرياض نال شهرة واسعة في عالم القرآن وقراءته، وذاع صيته بشكل لافت لما يتميز به من حسن القراءة وإتقانها، فأصبح مقصدًا للباحثين عن القراءة الهادئة، المجيد صاحبها للتجويد ليجدوا قلوبهم عنده. فكان لنا معه هذا اللقاء... حدثنا عن نشأتك وتعليمك؟. اسمي ناصر بن عبدالله العبيد، لدي عبدالله وخمس من البنات، أعمل مستشارًا في القوات الجوية السعودية، وعضوًا في مركز الأمير محمد بن نايف للمناصحة والرعاية، وعضوًا في الهيئة العالمية للإعجاز العلمي في القرآن والسنة، وعضوًا في جمعية واعي، تلقيت تعليمي الابتدائي والمتوسط والثانوي في مدينة الرياض، وتخرجت في جامعة الملك سعود قسم إدارة الأعمال. لك قصة عجيبة مع الإمامة أخبرنا كيف أصبحت إمامًا؟. أثناء عودتي إلى منزلي بعد أن مارست نشاطًا رياضيًا مررت بمسجد مؤقت لأصلي معهم صلاة المغرب، وكان أكثر جماعة المسجد من العمال وبعض كبار السن فتقدم أحد العمال ليصلي فرفض أحد كبار السن فنظر إلى الجماعة فقال لي تقدم وصل بنا فترددت ثم أصر علي فصليت بهم، وبعد الصلاة أخبروني برغبتهم أن أصبح إمامًا لهذا المسجد الذي لا يوجد له إمام، وكنت في تلك الفترة طالبًا في المرحلة الثانوية، فكان التزامي بالصلاة في هذا المسجد دافعًا لي للاستقامة ولله الحمد. متى كانت البداية للإمامة في التراويح؟. كانت في (1407) وكانت سببًا في حفظي للقرآن الكريم فقد حفظته في تسعة أشهر، كما كانت مراجعتي له في شهر رمضان مشجعة أن أتقن الحفظ وأجوده فكنت في التراويح أتدرج في الحفظ؛ بحيث كنت أصلي في التسليمتين الأوليين حفظًا عن ظهر قلب، وبقية التسليمات اقرأ من المصحف. ما أبرز المساجد التي كنت إمامًا لها؟ وكم سنة قضيت في الإمامة؟. بقيت في المسجد المؤقت ثلاث سنوات ثم انتقلت مؤذنًا إلى أحد المساجد وبقيت فيه ثلاث سنوات أيضًا، ثم أصبحت إمامًا لمسجد الفريق علي الخليفة في حي الروضة بالرياض، واستمررت في الإمامة أكثر من اثنين وعشرين عامًا حتى استقر بي الحال في جامع المطوع في حي الروضة. لكل قارئ في البدايات محاولة تقليد لبعض القراء، فمن قلد الشيخ ناصر العبيد من القراء؟. حاولت تقليد المحيسني والسديس في البدايات وكنت أقرب في التقليد إلى السديس، ولكن رأيت أن التقليد لا يصنع قارئًا فجعلت لي طريقة خاصة بي في القراءة. ما رأيك في القراء المقلدين لكبار القراء من الجيل الجديد؟. إن حال هؤلاء مؤسف فهم يمثلون قراءات غيرهم وسيذكر الناس القارئ الذي قام بتقليده وينسونه هو، بل سيذهب الناس إلى الأصل ويتركون الصورة، فعلى الإمام أن يستشعر الإخلاص في عمله فهو يقدم رسالة عظيمة من خلال القرآن الكريم فإذا استشعر هذه المعاني لا يهمه ما يتحدث به الآخرون. من المعروف عنكم أنكم تحبون الدراسة؛ لذلك درستم تخصصات عدة بين البكالوريوس والماجستير والدكتوراه، حدثنا عن تجربتكم في الدراسات الجامعية؟. تخرجت في البكالوريوس في جامعة الملك سعود قسم إدارة أعمال، ثم درست البكالوريوس في القراءات في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، ثم حصلت على الماجستير من جامعة نايف، وأنا على وشك مناقشة الدكتوراه في جامعة الإمام في السياسة الجنائية، كما درست علم النفس في جامعة أم درمان في السودان. درستم في جامعة الإمام القراءات فكم قراءة أجدتم؟ وعلى يد من من القراء؟. أجدت ثلاث قراءات وهي: قراءة شعبة، وقراءة ورش، وقراءة حفص ودرست على يد مجموعة من القراء منهم الشيخ الساداتي، والشيخ محمد المسند، وعندما كنت اقرأ عليهم كانوا يسألونني هل سبق لك أن قرأت عند أحد لتميزي في الأداء وحسن مخارج الحروف. ظهرت مع جيل من عمالقة القراء في عصرنا الحالي، فمن هم؟. الشيخ عادل الكلباني والشيخ صالح الهبدان والشيخ خالد القحطاني والشيخ عبدالله المطرود والشيخ الزنان، وللأسف لم يتم بيننا لقاءات في تلك الفترة. هناك لقاء سنوي بينك وبين بعض قراء الرياض المشهورين قبل رمضان بأيام، حدثنا عن هذا اللقاء؟. نلتقي بإخواننا القراء الشيخ عادل الكلباني والشيخ محمد اللحيدان والشيخ ناصر القطامي والشيخ ياسر الدوسري والشيخ ماجد الزامل والشيخ يوسف الشويعي منذ بضع سنوات قبيل شهر رمضان بأيام قلائل لنتدارس إتقان الحفظ ومناقشة ما يعترضنا من مشكلات أو معوقات تتعلق بختم القرآن أو بالتراويح ونستفيد من خبرات بعضنا؛ ولذلك أطالب جمعيات تحفيظ القرآن بالاستفادة من خبرات القراء من خلال إقامتهم للدورات التي تساعد على إتقان الحفظ وحسن التجويد. لماذا منعت من الخطبة فترة طويلة؟. لقد منعت من الخطابة أكثر من خمسة عشر عامًا، ولا أعلم ما الأسباب، ولم يسمح لي إلا قبل نحو سبعة أشهر ولست رسميًا بل مكلفًا، فالإعداد للخطبة يستغرق مني ثلاثة أيام بليالها، وعندما انتهي من الخطبة كأن حملًا ثقيلًا أزيل عن كاهلي. من يعجبك من القراء الذين ذاع صيتهم في الآونة الأخيرة؟. ستكون إجابتي غريبة قليلًا كلما كان القارئ غير مشهور كلما أحببت الاستماع إليه. كأنك لست مقتنعا بهؤلاء القراء ولذلك لا تريد الإجابة؟. ليس الأمر كما تظن بل نقدر هؤلاء القراء ونحترمهم فهناك من القراء من منحه الله سبحانه وتعالى صوتًا حسنًا وأداءً جيدًا لكن الإنسان يريد أن يسمع مرة هذا ومرة ذلك. ما صفات الإمام الجيد من وجهة نظرك؟. الإمام الجيد هو الذي يشعر من نفسه أنه من جماعة مسجده والجماعة يشعرون أنه منهم، فهو يتعامل معهم بالحسنى، كما يهدف إلى تذكيرهم بالله من خلال إقامة الدروس والكلمات، أما بقية المعايير الأخرى فهي شكلية. وزارة الشؤون الإسلامية تدرس أن تكون وظائف الأئمة والمؤذنين تابعة لوزارة الخدمة المدنية هل سيكون هذا القرار إذا طبق ناجحًا أم لا؟. أنا مؤيد لأن يكون التعيين عن طريق الخدمة المدنية، ولكن أظن أن مثل هذا القرار صعب التطبيق. انقطعت عن الإعلام فترة طويلة ثم عدت قبل أشهر قليلة ما سبب هذا الانقطاع؟. رفضني الإعلام منذ ثماني سنوات لأسباب ما زلت أجهلها؛ فقد حاولت أن أقدم بعض البرامج فكنت أتفاجأ بالرفض، مع أنني قدمت في السابق برامج كان لها صدىً، ولاقت استحسان شريحة كبيرة من المجتمع كبرنامج (دين ودنيا) لكن لا أعلم ما الذي جعل الإعلام الحكومي والأهلي يرفضني ويهجرني. وعدت قبل أيام قلائل للظهور في القناة الأولى السعودية لتقديم برامج الإفتاء، ويعرض حاليًا في رمضان برنامج نوافذ اقتصادية على قناة الاقتصادية. لك باع طويل في مجال الرقية الشرعية أخبرنا عن تجربتك فيه؟. عملت في هذا المجال أكثر من ثمانية عشر عامًا، وكانت البداية من خلال إصابتي بالعين؛ فعالجت نفسي بالرقية فترة طويلة فدخلت في هذا الباب، والرقية باب محزن مؤسف فيه آلام كثيرة، وأكثر من قرأنا عليهم ليسوا مصابين بالوهم كما يعتقد البعض من الناس أو من الرقاة بل مصابون بالعين والسحر والحسد. هل أصبحت الرقية بابًا للدجالين والمشعوذين والمستغلين لأموال الناس؟. قليل من دخل هذا المجال من المشعوذين والدجالين، أما أخذ الرقاة المال على عملهم فهو من حقهم لأن الراقي يضحي بوقته وجهده لمساعدة إخوانه فمن حقه عليهم أن يعطوه مالًا على عمله هذا بشرط ألا يغالي الرقاة في الأسعار. حدثنا عن تجربتك من خلال عملك في مركز الأمير محمد بن نايف للمناصحة والرعاية؟. أعمل في هذا المركز منذ أربع سنوات، وأرى من خلال تجربتي أن وصول هؤلاء الشباب إلى هذا المركز دليل على سلامة قلوبهم وعقولهم؛ فهم يتكلمون معنا بشفافية ويبدون ندمهم على ما بدر منهم في السابق، والمركز يسعى إلى إصلاح هؤلاء الشباب ليكونوا مواطنين صالحين يخدمون دينهم ووطنهم ومجتمعهم. أخبرنا عن أبرز إصداراتك المسموعة وهل يوجد مصحف كامل بصوتك؟. لم أكن حريصًا أن يصدر المصحف الكامل بصوتي، ولكن أغلب سور القرآن موجودة في الأسواق بصوتي، فلي أكثر من خمسة وعشرين إصدارًا ومن ضمنها: (هذه تجربتي في الرقية الشرعية). ما الإصدار الذي ساعد على انتشارك صيتك وتعريف الناس بك؟. إصدار سور فاطر ويس والصافات مع الدعاء عرفني بالناس داخل المملكة العربية السعودية وخارجها، وكان له صدى واسع ولقي قبولًا من الناس. طرقت مجال التأليف فصدرت لك مجموعة من الكتيبات حدثنا عنها؟. صدرت لي مجموعة من الكتيبات ومنها: (حتى لا يخطئ الأئمة في التراويح) وهو عبارة عن مجموعة إرشادات ونصائح للأئمة عن صلاة التراويح وأحكامها، كذلك (أحكام الجنائز) يتحدث عن الأخطاء والمخالفات التي تقع في العزاء، و(هداية الحيران في متشابه القرآن)، و(ليلة القدر). وما جديدك من الإصدارات؟. عندي أكثر من كتيب لم أوفق في إيجاد جهة تساعدني على طباعتها منها: (رسالة إلى السجين) وهو رسالة إلى الشباب الذي قبض عليهم في مسألة الفكر والجهاد؛ لأني عشت الواقع في مركز الأمير محمد بن نايف للمناصحة والرعاية، وكتاب (محمد بن عبدالوهاب) ويتحدث عن حقيقة الوهابية لأنني وجدت للأسف حملة كبيرة جدًا على الوهابية والمملكة لما سافرنا لكثير من الدول ما كنت أتوقعها، وأيضًا كتب عن تجاربي في الرحلات الدعوية. ما الذي يسوء ناصر العبيد؟. يسوءني من يحاولون النيل من سمعتي دون أن أعلم ما السبب بل إن البعض يتقصد الإساءة في المجالس والمنابر، كما يسوءني ما وصل إليه كثير من القراء من الاهتمام بالشكليات دون التركيز على الأساسيات؛ كالاهتمام بالمقامات على حساب جودة القراءة، كما يسوءني ما وصل إليه الإعلام من حال كالمحسوبيات والشلليات والأفكار السطحية التي لا ترتقي بالأمة ولا بالمجتمع، وكذلك ما وصلت به الحال من جماعة المسجد عندما تؤدي عملك بأمانة في رمضان وفي غيره فتأتيك خطابات الشكوى من الوزارة للأسباب التافهة التي ذكرناها سابقا.