يعدّ القارئ فهد بن علي قحل إمام جامع عبدالعزيز بن فهد بن عبدالعزيز البكري في حي الخزامى من القراء المميزين الذي بدأ يشق طريق الإبداع في عالم القرآن وقراءته، إذ ذاع صيته بشكل لافت في الآونة الأخيرة لما يتميّز به من حسن القراءة وجمال الصوت، فأصبح مقصداً للباحثين عن الصوت الجميل المجيد للقراءة والتجويد كي يجدوا عنده قلوبهم ويخشعون في صلاتهم يقول على أئمة المساجد أن يحيوا مساجدهم من خلال تفعيل المحاضرات والدروس وحل المشكلات والظواهر الاجتماعية فإلى التفاصيل. حدثنا عن تعليمك ونشأتك ؟ أخوكم فهد علي أحمد قحل متزوج ولدي من الأبناء فارس ووجد، نشأت في أسرة محبة للعلم .. والداي هما الموجّهان لي في تلك الفترة بل كانا يحثانني على العلم وتعلم القرآن وكذلك أخواي محمد وقاسم اللذان كان لهما فضل تعليمي القرآن وتجويده وتتلمذت على حلقات تحفيظ القرآن في القرى المجاورة لقريتي ثم في قريتي فيما بعد تلقيت تعليمي بجميع مراحله في قرى جازان وأعمل حاليا معلما في مدينة الرياض وإمام جامع البكر بحي الخزامى. تدرس وزارة الشؤون الإسلامية أن تكون وظائف المؤذنين والأئمة تابعة للخدمة المدنية فهل ستكون الدراسة ذات جانب إيجابي أوسلبي وما رأيك في هذه الدراسة؟ إن طبقت الدراسة بصورة جيدة فهي فكرة جيدة وخطوة مباركة وأتمنى أن تفعّل لأن وظيفة الإمام أو المؤذن وظيفة عظيمة، فيجب أن تكون رسمية حتى تشغل المساجد بمن هم أكفاء. المذياع خير معين متى بدأت وكيف حفظت القرآن الكريم؟ بدأت حفظ القرآن الكريم وأنا في الصف الرابع فكنت أتردد على الحلقات بشكل متقطع لأنها ليست قريبة من القرية وكذلك كنت أستمع لقراءات المشايخ في المذياع خاصة إذاعة القرآن الكريم، فكان المذياع خير معين لي على حفظ القرآن الكريم، حتى حفظته كاملا ولله الحمد وأنا في المرحلة المتوسطة. في بداياتك لابد أنك قلدت بعض القراء في لك الفترة حدثنا عن ذلك؟ - نشأت على الاستماع للقراء المصريين أمثال عبدالباسط ومحمد صديق المنشاوي ومحمد عمران ومحمد رفعت وشعبان الصياد وكامل يوسف فكنت أحاول أن أقلدهم جميعاً في قراءاتهم، أما قراء السعودية فكنت أقلد الشيخ عبدالرحمن السديس، والشيخ سعود الشريم، والشيخ علي عبدالله جابر والشيخ عبدالله خياط والشيخ الخليفي، فكنت أتلذذ بتقليد هؤلاء في تلك الفترة كيف أصبحت قارئ المناسبات والمؤتمرات الإسلامية المقامة في السعودية مع أنه يوجد من هو أشهر منك؟ تلقيت دعوة من أمانة جائزة الأمير نايف بن عبدالعزيز للسنة النبوية والدراسات الإسلامية المعاصرة في شهر رمضان المبارك الماضي لحضور المؤتمر العالمي للتكفير في المدينةالمنورة ،فعندما عرضت علي هذه الدعوة لم آخذ هذه الدعوة بصورة جدية لأني قلت في نفسي من أنا حتى أدعى لهذا المؤتمر وما إن مرت فترة يسيرة حتى تلقيت الدعوة مرة أخرى وهذه المرة تلقيتها من الأمين العام للجائزة الدكتور ساعد العرابي الحارثي. شرف القراءة وهناك في المدينة كان لي شرف القراءة أمام ولي العهد الأمير نايف رحمه الله وكذلك أمام علماء أجلاء من علماء المسلمين من ضمنهم هيئة كبار العلماء أمثال المفتي العام والشيخ عبدالله المطلق وغيرهما من العلماء الحاضرين. فكان لي السبق على قراء المدينة الذين كانوا أجدر مني لهذه المهمة لأنهم أهل قراءات وكان المؤتمر في مدينتهم ،ثم توالت المشاركات ولله الحمد. ا صحة أن الشيخ محمد أيوب استدعاك بعد المؤتمر، وماذا قال لك؟ عندما انتهى المؤتمر وخلال اتجاهنا لتناول العشاء، كان الشيخ محمد أيوب وبرفقته الشيخ محمد خليل قاري والشيخ أحمد بن علي الحذيفي على إحدى الطاولات فاستدعاني وقال لي: كيف تعلمت القراءة الحجازية. فأجبته: تعلّمتها على يديك. فقال: أنا لا أعرفك ولست من طلابي!!. فأخبرته بأنه من خلال استماعي له وهو يقرأ بهذه القراءة. فبتسم، وقال لي: لقد أجدْتها. ما اللقب الذي أطلقه عليك الشيخان محمد أيوب، ومحمد خليل قارئ؟ - قالا: أنت من أهل الرياض، وكما تعلم أن أهل نجد لا يحبذون هذه القراءة، فأنت ستكون سفير القراءة الحجازية في نجد. * حدث بينك وبين محمد خليل قارئ اتصال، فبم أوصاك؟ -اتصلت بالشيخ لأطمئن على أحوال الشيخ وأستأنس بالحديث معه وأنهل من علمه فأوصاني في نهاية المكالمة بتقوى الله تعالى، وكذلك أوصاني بعدم الحياد عن القراءة الحجازية فأخبرته بشغفي منذ الصغر بها من خلال استماعي للشيخ محمد أيوب وكذلك للشيخ خليل قارئ ولأبنائه محمد وأحمد و محمود وللشيخ نبيل الرفاعي والشيخ هاني الرفاعي. * في الحفل الختامي لجائزة الأمير نايف بن عبدالعزيز للسنة النبوية والدراسات الإسلامية المعاصرة، حدث لك موقف مع الشيخ صالح بن حميد، ماذا دار بينكما؟ -عندما انتهيت من الأذان لصلاة العشاء وجدت خلفي الشيخ صالح بن حميد فسلمت عليه وألححت عليه بالصلاة فرفض الشيخ فعندما أقمت الصلاة رجعت فألححت عليه مرة أخرى لكنه رفض فشرعت في الصلاة فلما فرغنا منها ذهبت فاعتذرت منه لأنني أمّيت المصلين وإمام الحرم المكي يصلي خلفي وهو الأجدر بالصلاة مني ولكنه أثنى على قراءتي وشكرني على هذا الموقف. تقبيل الرأس * حدث لك موقف مع القارئ عادل الكلباني في افتتاح جامع المحيسن كيف كان هذا الموقف؟ - كان من المفترض أن يؤذن في افتتاح الجامع علي ملّا المؤذن المعروف في المسجد الحرام فاعتذر لظرف طارئ فاتصل بي المسؤولون عن الجامع بحكم العلاقة التي تربطني بهم وعرضوا علي أن أقوم بالأذان بدلاً عن علي ملاّ فكنت في بداية الأمر رافضاً رفضاً تاماً، ولكن القائمين على الجامع وعلى رأسهم الشيخ عادل الكلباني حرصوا أن أكون معهم فذهبت من أجل المشاركة معهم في الآذان وبعد أن أذنت لصلاة المغرب وعندما انتهت صلاة المغرب أتى إلي الكثير من الناس وبدأوا بالسلام علي اعتقاداً منهم أني علي ملّا، وبدأوا يقبّلون رأسي ويقولون الحمد لله أن رأيناك على الطبيعة وأنا أخبرهم بالحقيقة فتعجبوا وقالوا لي: أهم شيء أنك أذنت بصوت جميل. * وأين كنت قبل أن تكون قارئ المناسبات الدينية؟ - كنت إماما في قريتي في منطقة جازان وكان عمري اثني عشر عاماً وبقيت هناك إماماً حتى تخرجت من كلية المعلمين في جازان ثم بعد ذلك صدر تعييني في الرياض. مساجد الشفا * إذاً كيف أصبحت إماماً في مدينة الرياض؟ - دخلت يوماً على مدير المدرسة التي أعمل بها «الأستاذ أسامة بن سعد آل سليمان» فوجدته يتصفح مخططاً فقلت له ما شاء الله يا أستاذ أسامة هذا مخطط منزلك فقال لي لقد بنيت منزلي منذ زمن لكن هذا مخطط مسجد سأقوم ببنائه وستكون إماماً له بإذن الله، فأخذت الأمر على أنه دعابة وبعد مرور سنة ونصف استدعاني مديري وقال لي: أتذكر ما قلته لك قبل فترة عن إمامة المسجد فقلت له: نعم فقال: اذهب إلى الجامع وهو جامع عثمان بن مظعون في حي الشفاء وصلّ بهم العشاء فأنت إمامه منذ الآن، وأصبحت فيه إماماً لسنة ونصف السنة ثم انتقلت إلى مسجد آخر. فكلمني أحد الإخوة الفضلاء لأكون إماماً لمسجد المحيسني فأخبرته برغبتي بالبقاء في مسجدي ولكنه ألحّ علي لأن مسجد المحيسني من المساجد المهمة في حي الشفاء فقابلت القائمين على المسجد وأبدوا رغبتهم في أن أصبح إماماً لهذا المسجد فأخبرتهم بأني لا أستطيع أن أصبح إماماً حتى يأذن لي المسؤول عن جامع عثمان بن مظعون واستأذنت منه فأذن لي وقال خدمة كتاب الله أولى، فأصبحت إماماً لمسجد المحيسني لمدة ثلاث سنوات ثم أتاني عرض لأكون إماماً في جامع عبدالعزيز بن فهد بن عبدالعزيز البكر فقابلت القائمين عليه واستمعوا إلي وأخبروني برغبتهم في أن أكون إماماً لهذا المسجد وأصبحت له إماماً منذ تلك الفترة ومنذ استلامي لهذا المسجد لم أر منهم إلاّ كل خير ولي معهم في هذا المسجد ثلاث سنوات حتى الآن. * يظهر في رمضان بعض القراء المقلدين للقراء المشهورين حتى أن بعضهم يقلده في المدّ والبكاء بم تنصح هؤلاء؟ - يجب على القارئ أن يجعل له مساراً خاصاً به يسير عليه خاصة أن الله أنعم عليه بصوت جميل وحسن تدبر فهو ليس بحاجة إلى تقليد الآخرين لأن القارئ الذي يقلد الآخرين قارئ مفلس وضعيف وغير واثق من نفسه فبعضهم يقول: سأقلد القارئ الفلاني في الآية الفلانية وسأبكي إذا قرأت لفلان في الآية الفلانية كما بكى، أيعقل أن يكون هذا إماماً للمصلين؟! وكذلك يرسخ في أذهان الناس أنه مقلد ويشتهر بذلك حتى يشار إليه بالبنان أنه مقلد فيخسر نفسه ويخسر احترام الناس له. وأدعو كل قارئ أن يجعل له مساراً خاصاً به يسلكه فيكون لنفسه مدرسة أمثال الشيخ علي جابر والشيخ السديس والشيخ الشريم وغيرهم من القراء الذين جعلوا لأنفسهم مدارس يتبعها الآخرون. الوجه البشوش * كيف يكون تعامل الإمام مع جماعة مسجده؟ - يجب أن يتعامل الإمام مع جماعة مسجده بالحسنى ويقابلهم بوجه بشوش لا تفارقه الابتسامة ولا يتعالى عليهم ويستمع للكبير والصغير ويتقبل الانتقادات والنصائح قبل الثناء والمدح، لا يغضب لهذه الملاحظات، فكل إنسان معرّض للنقص والخطأ، فالإمام قليل بنفسه كثير بإخوانه جماعة مسجده، كذلك على جماعة المسجد أن تحترم هذا الإمام الإنسان وليس الآلة فهو إذا نصحهم من باب النصح والتذكير وليس من باب الانتقاص والتحقير فهو يحاول أن يذكّر إخوانه بربّهم وكذلك يمتّعهم بآيات كريمة من كتاب الله العظيم فلابد أن يتكاتف الإمام والجماعة ويتواصلوا حتى يرتقوا بكتاب الله ويحترموا بيته ليكونوا من الطائعين لله تعالى . ** ما دور المسجد في هذه الأيام؟ - تشتكي المساجد من تصرفات كثير من المصلين فمنهم من يصلي وسرعان ما ينصرف دون أن يذكر الله بعد الصلاة ، بالإضافة إلى تخلف الكثير عن صلاة الجماعة ، بل أن بعضهم غيّب دور المسجد فأصبح يأمر وينهى على هواه دون علم وكأنه ليس للمسجد إمام أو مؤذن،فعلى أئمة المساجد أن يحيوا مساجدهم من خلال تفعيل المحاضرات والدروس والكلمات والحلقات والمسابقات وحل المشكلات والظواهر الاجتماعية .