مأساة .. مصيبة .. كارثة.. طامة .. فاجعة .. مفردات كثيرة لها وقع عميق على النفس .. ولكن لا نقول عند وقوعها إلا ( إنا لله وإنا إليه راجعون..) نعم نحن له .. ونحن حتماً إن طال الزمان أو قصر إليه راجعون لا محالة .. ولكن متى .. وكيف وأين .. تلك أسرار لم يخبر سبحانه وتعالى بها لا رسله ولا ملائكته ولا حتى ملك الموت الذي أوكل إليه بقبض الأرواح. كم من مآسي ترتكب بحقها ، كم من جحود .. كم من نكران .. كم من عقوق . منهم من قتلها خنقاً .. ومنهم من قتلها رمياً بالرصاص.. ومنهم من قهرها هجراً وجفاء.. ومنهم من فضل زوجته وأبناؤه عليها.. ومنهم من تبرأ منها.. ومنهم من نفى وجودها في حياته.. ومنهم من رمى بها في دور العجزة والمسنين ومنهم.. ومنهم . كثيرة والله هي المآسي التي أرتكبت بحق (الأم) ومع هذا يظل لسانها وقلبها يلهث بالدعاء لإبنها بالصلاح والهداية والخير . لقد نسى ذلك الجاحد الكفور رفساته في جوفها وهو جنين ، نسى سهرها بجانبه وهو طفل رضيع ، نسى مرضها إن مرض ،نسى خوفها وهلعها إن غاب عن البيت وتأخر عن موعد عودته وهو شاب يافع مكتنز لحماً وشحما، نسى حرمانها لنفسها الزاد إن لم يحضر لتناول الطعام معها .. والطامة الكبرى أنه نسى أن الجنة تحت قدميها إنه والله لهو الخسران العظيم ( فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم) . من سيعوضني ويعوضك أخي الكريم حنانها؟ الزوجة .. لا . الأبناء ..لا . الثروة الجاه المركز ..لا. لا شي سيعوضنا فراقها فكل شيء مما تقدم له بديل إلا الأم لا بديل لها على الإطلاق فيامن غفلت عن كل ماتقدم إغسل جوفك وعينك بماء صافي وأنظر في وزنها في حياتك فوالله أنت الخاسر لفقدها في الدنيا وأنت الخاسر لدعائها في الدنيا ،وأنت الخاسر للجنة التي تحت قدميها فمتى نصحوا ونعلم قدرها ومنزلتها الرفيعة ، ومتى نسرع لكسب رضاها. فهناك من لا يرى أمه لشهور وسنوات ، وهناك من يتجاهل بِرَها لأسباب دنيوية وسوس له الشيطان بها فعماه عن طريق السعادة والخير في الدنيا والآخرة (حسبنا الله ونعم الوكيل). نعم إن فراقها لا يعادله فراق فكل شيء يمكن تعويضه وجلب البديل له إلا (الأم) ، نعم إن فقدها (كالزلزال) بل أقوى من الزلزال فوقوع الزلازل يمكن تسوية ما دمر وهدم وخرب وتعود المياه إلى مجاريها إلا زلزال فقدانها الذي يأخذ معه كل شيء ، كل شيء ولايمكن تعويض ما أحدثه فراقها مهما حاولنا ومهما إستطعنا أن ننسى هذا إن إستطعنا .. ولو أن البعض مِنَّا وهم قلة من يتمنى فراقها اليوم قبل الغد لشيء في نفسه والعياذ بالله وسيفرح ويزهو بفراقها ليحقق مآربه ومقصده الدنيوي إلا أنه مسكين سيحرم في حياته الكثير.. وبعد مماته سيخسر أكثر وأكثر فيا مكسب من كانت له أم أو أب على قيد الحياة وأبرهما وخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقال اللهم أرحمهما كما ربياني صغيرا. فالهم بحق شهرك المحرم ، وبحق من صلى لك وقام، ، وبحق من طاف بالبيت وسعى ، وبحق كل يوم تطلع فيه الشمس أن تغفر لأمي ولأبي ولأموات المسلمين..اللهم بحق جاهك، وعظيم سلطانك وإحسانك أن لا تحرمني أجرها ولا تفتني بعدها وأرحمها رحمة واسعة.. اللهم بدل دود قبرها بورود، وظلمته بنور،وضيقه بفسحة، ووحشته بألفة من عندك يا كريم يا ودود.. اللهم أصلح شأن العاقين لأمهاتهم وآبائهم ،اللهم أنر قلوبهم وأعدهم إلى الطريق المستقيم.آمين آمين.