تشهد معظم دول العالم حالياً موجات من التضخم، والذي يُقصد به زيادة في أسعار السلع والخدمات الأساسية مثل الطاقة والأطعمة والنقل والملابس والخدمات عن سابقتها خلال فترة زمنية معينة، ما يؤدي لارتفاع تكلفة المعيشة. وتسعى الحكومات جاهدة – ومنها حكومة المملكة – لمواجهة التضخم بحلول عديدة، مع الحرص على ألا يكون لتلك الحلول تأثير سلبي على مواطنيها وأسلوب معيشتهم، وهو أمر يبدو صعباً في كثير من الدول، لأسباب تتعلق بالقوة الاقتصادية. تستعرض أخبار24 في التقرير أزمة التضخم وكيف واجهته المملكة خلال العام 2022 أسباب التضخم يحدث التضخم عند زيادة الطلب على سلع أو خدمات فيرتفع سعرها، خاصة إذا كان الاقتصاد يمر بمرحلة تعاف، فيرتفع الإنفاق بدلا من الادخار، كما يحدث التضخم عندما تشح السلعة فيرفع التجار سعرها. ومن أسبابه أيضاً تضخم التكلفة في إنتاج السلع والخدمات، وتمريره للمستهلك، إضافة إلى أسباب حديثة كجائحة كورونا والحرب في أوكرانيا اللتين عرقلتا سلاسل الإمداد، وصعّبتا الإنتاج والتصدير، خاصة الحبوب فارتفعت الأسعار، وتقلصت قيمة العملات. أرقام التضخم عالمياً وأدى التضخم لرفع الأسعار عالميا، فقد قفزت في أمريكا إلى 8.5%، وأكثر من ذلك في منطقة اليورو كما مثل التضخم مشكلة خطيرة للبنوك المركزية، التي تستهدف تحقيق 2%، ليتماشى مع زيادة الأجور السنوية، كما أن أكثر من نصف البلدان في الاقتصادات الناشئة لديها معدلات تضخم أعلى من 7% حالياً. "الإحصاء" ترصد ارتفاع الأسعار ودأبت الهيئة العامة للإحصاء على إعلان نسب ارتفاع الأسعار، ففي النصف الثاني من هذا العام، كانت النسبة في شهر يونيو 2022، 2.3% ثم ارتفعت إلى 2.7 في يوليو و3% في أغسطس و3.1% في سبتمبر 2022، ثم انخفضت إلى 3% في أكتوبر. وانخفضت النسبة مرة أخرى في نوفمبر الماضي إلى 2.9%، حيث ارتفعت أسعار السكن والمياه والكهرباء والغاز والإيجارات والأغذية والمشروبات والنقل والمطاعم والفنادق والتعليم والترفيه، وانخفضت للسلع والخدمات الشخصية. خطوات استباقية لمواجهته 1- دعم مستفيدي الضمان وبرنامج حساب المواطن صدر أمر ملكي بالموافقة على تخصيص دعم مالي بمبلغ 20 مليار ريال لمواجهة تداعيات ارتفاع الأسعار عالمياً، يخصص منها 10.4 مليار ريال كتحويلات نقدية مباشرة لدعم مستفيدي الضمان الاجتماعي، وبرنامج حساب المواطن، وبرنامج دعم صغار مربي الماشية، على أن يُخصص بقية المبلغ لزيادة المخزونات الاستراتيجية للمواد الأساسية والتأكد من توفرها. 2- سقف لأسعار الطاقة أوضح وزير المالية محمد الجدعان أن السبب الرئيسي للتضخم هو أسعار الطاقة وأن المملكة اتخذت خطوات استباقية لوضع سقف لها ودعم شركة أرامكو بعشرات المليارات كتعويض مقابل البيع بسعر أقل من السعر العالمي لتجنب تصدير التضخم للاقتصاد السعودي. 3- تطمين التجار وأكد وزير المالية أنه جرى تطمين التجار لاستيراد ما يكفي للتأكد من وفرة المخزون، مشيراً لأهمية القطاع الخاص الذي يوفر وظائف وخدمات لأبناء وبنات الوطن، وتعتمد عليه المملكة، كما أن ما حدث من ارتفاع للأسعار وتدخل الحكومة الاستباقي يدل على نظرة مختلفة في العمل الحكومي. البنك المركزي: نطاق معقول ورأى محافظ البنك المركزي، فهد المبارك، أن التضخم في المملكة في نطاق معقول، حيث توقعت وزارة المالية نسبة تضخم في المملكة 2.6% في عام 2022، وأنه رغم موجة التضخم العالمية، فقد اتخذت المملكة إجراءات وقائية ضده. المركزي الأمريكي يسعى البنك المركزي الأمريكي للسيطرة على التضخم برفع أسعار الفائدة لإبطاء الاقتصاد وخفض التضخم، وعندما ينخفض التضخم يخفض البنك عادةً أسعار الفائدة لتحفيز الاقتصاد، ويتوقع مواصلة البنك رفع الفائدة في 2023 بنسبة بين 2 و3%. صندوق النقد الدولي وأصدر صندوق النقد الدولي تقديراته لمعدلات التضخم في دول العالم وجاءت المملكة بين الدول الأقل في معدلات التضخم، حيث جاءت معدلات التضخم في اليابان 2% والصين 2.2% والسعودية 2.7%. هل يمكن السيطرة على التضخم؟ تتركز الوسائل على التحكم فيما أدى لارتفاعه، ومنها مشكلات سلاسل الإمداد العالمية بسبب كورونا والحرب في أوكرانيا، كما يمكن للبنوك المركزية السيطرة على التضخم بسياسات نقدية تتضمن تعديل أسعار الفائدة، لتقليل الطلب على السلع والخدمات. ويعتبر خبراء المال والاقتصاد أن التحكم في إمدادات المال وزيادة ضريبة الدخل من الطرق الأخرى لإطفاء نار التضخم. الطاقة كلمة السر ولا شك أن وضع أسعار الطاقة في أي مكان بالعالم هو العامل البارز في حدوث التضخم من عدمه، حيث تؤثر أسعارها ارتفاعا وهبوطاً على كل شيء تقريبا، من التنقل إلى تدفئة المنازل ونقل السلع واستمرار الإنتاج في المصانع، وغيره. التضخم سلبي أم إيجابي؟ يرى أخصائيون أن التضخم ليس سلبياً دائما، فلن يكون له أثر مع ارتفاع الأجور بنفس معدله، لكن لو لم يحدث ذلك، تنخفض قيمة الأموال وتصعب الحياة، وقد يكون التضخم إيجابياً على الاقتصاد، بزيادة الإنتاج، ورفع الأجور وزيادة الوظائف والسلع والخدمات بالتالي.