ما أكثر ماقرأنا في الكتب التاريخية عن الابطال والشجعان والدهاة ، منذ نعومة أظفارنا وحتى تجاوزنا الاربعين عاما ، فذاك فتح مصرا ، وذاك وحد صفا ، وذاك نصر مظلوما ، وذاك حارب جيوشا لا تعد ولا تحصى ، حتى ظننا أن البطولة والشجاعة تبقى في كتب التاريخ والروايات القديمة فقط . وسرعان ما يتبدد ذلك الظن عندما تقف أمام قامة منيفة ، وقصر مشيد ، وجبل راسخ ، ورجل بألف رجل ، وكأنك فتحت كتب التاريخ لتستخرج هذه الشخصية المهيبة ، وتلك العقلية الجوجلية ، وذاك المعجم اللغوي المحيط ، نعم إنه ذاك البطل وابن ذلك البطل وحفيد ذاك البطل ، إنه الأمير الراحل الباقي سعود بن الفيصل بن الامام عبدالعزيز آل سعود . شخصية أجبرت العالم لتقف له حيا وميتا ، أعطى العرب والمسلمين أملا في هذا الزمن الصعب ، فلازلنا نذكر كلماته التي سطرت بما الذهب : (نحن لسنا دعاة للحرب ، لكن اذا دقت الحرب طبولها فنحن لها ولسنا جبناء) . ورده المرتجل أمام رسالة بوتن روسيا والتي أرسلت لتكبل العرب بأصفاد لم يملك مفاتيحها الا ابن الفيصل الذي قال بكل شجاعة : (لسنا أغبياء او سذج ، فأنتم من تغرقون الشرق بأسلحتكم) . وماذا أذكر لأذكر . ألم يقل عنه صدام حسين : (عندما حاربت إيران اوقف العالم معي ، وعندما دخلت الكويت أوقفهم ضدي) ، ألم يقل الهالك الروسي قربتشوف : (لو كان في روسيا مثل سعود الفيصل قادة لما سقطت روسيا) ، وغيره مما سجله التاريخ لهذا الرجل . خمس عقود من الزمن لم تزده الا قوة ودهاء وشجاعة ، ضحى بالوقت والصحة والدعة ليقابل ويصاحب (الخارجية) كل ذاك الوقت ، عاصر خمس من الملوك العظماء : الملك فيصل والملك خالد والملك فهد والملك عبدالله والملك سلمان ، يتحدث ثمان لغات حية ، وامتلك كل مفاتيح السياسة المصنوعة في العالم كي لا يستعصي عليه باب منها . شاءت ارادة الله أن يكون يوم رحيله في 22 رمضان من عام 1436 للهجرة وفي نفس التاريخ وقبل ثلاث وأربعين سنة سجل العالم والتاريخ موقف والده البطل والذي منع النفط عن أمريكا . فمات رحمه الله ليلة الجمعة في أحد الليالي التي يرجى أن تكون ليلة القدر . فرحمه الله وغفر له ، وجعل كل ما قدمه للوطن من عمله ووقته وصحته في ميزان حسناته . لسنا متشائمين او متخاذلين عندما نقول لن يعوض (سعود الفيصل) احد ، بل لأننا نحبه ونجله أيما إجلال ، وإلا فالامة الاسلامية والبلد العربية والرحم السعودية لم تعقم من الشجعان والحكماء والنوابغ الذين سيسيرون على ماسار عليه ، وسينهلون مما نهل ، نسأل الله أن يعوض الامة الاسلامية في فقيدها ، من يجمع شتاتها ويوحد صفها ، وأن يحفظ لنا بلدنا المملكة العربية السعودية ويحفظ لنا خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان ، ويؤيده بنصره ، ويكلؤه بتأيده وبولي عهده الامير محمد بن نايف وولي عهده الامير محمد بن سلمان ، وأن يجعل بلادنا آمنة مطمئنة . وداعا ايها السعود ووداعا يا فخر العرب ووداعا ياعقل السياسة ووداعا يا مبرمج الصفوف غفر الله لك ولوالديك ولجميع موتى المسلمين سعود بن عبدالله الضحوك إعلامي وتربوي