نحو ثقافة ادارية أفضل (1) تعد تعد ثقافة التحقيق الإداري من أهم ما يجب نشره وتعليمه للموظفين ، نظرا لما قد يتعرض له الموظف خلال مسيرته الوظيفية من أمور قد تستدعي التحقيق معه ، والتحقيق الإداري لا يعني الوقوع في الخطأ أو ارتكاب جريمة وإنما هو في مفهومه العام التحري والتدقيق في البحث عن شيء ما في سبيل التأكد من وجوده أو السعي للكشف عن غموض واقعة معينة ، وينبغي لذلك استعمال طرق ووسائل محددة كفلها النظام لإجرائه ، وهو عملية استقصاء يستهدف كشف الحقيقة في كنف قاعدة أساسية تستقى منها الجزئيات والتفاصيل حتى يكون للتحقيق الإداري كل مقومات التحقيق النظامي الصحيح وكفالته وضمانته من حيث وجوب استدعاء الموظف وسؤاله ومواجهته بما هو منسوب اليه وتمكينه من الدفاع عن نفسه وإتاحة الفرصة أمامه لمناقشة شهود الإثبات او شهود النفي . وغير ذلك من مقتضيات الدفاع. التحقيق الإداري له اجراءات يجب معرفتها من قبل الموظف وإتباعها من قبل المحقق ، وإلا أعتبر التحقيق باطلا وغير منصف ويعرض المحقق نفسه للمحاسبة عند تجاوزها ومنها: 1- : الإحالة إلى التحقيق حيث تعد الإحالة إلى التحقيق من الشكليات الجوهرية ومنها تبدأ إجراءات التحقيق للكشف عن حقيقة التهمة المنسوبة إلى الموظف المتهم وتوقيع الجزاء التأديبي عليه ، فهي تعتبر ضمانة للموظف المخالف حتى لا يفاجأ بدون مقدمات بإحالته إلى التحقيق لما في ذلك من أضرار معنوية وأدبية ، والإحالة إلى التحقيق تكون بموجب قرار إداري أو مذكرة صادرة من صاحب الصلاحية المختص بالتأديب في الجهة الإدارية أو من يفوضه. ويجب التنويه هنا أنه يتعين اتخاذ جانب الحرص عند الإحالة إلى التحقيق بحيث ينبغي ألا يكون التحقيق قائماً على شبهة أو نكاية أو عداوة. 2- استدعاء الموظف المخالف للتحقيق معه وهو إجراء يكلف به المحقق الموظف المخالف بالحضور في المكان والزمان المحددين بالاستدعاء لسؤاله عما هو منسوب إليه أو لاستجوابه أو مواجهته بغيره من المتهمين أو الشهود ، وينبغي أن يتضمن الاستدعاء اسم الموظف المخالف ولقبه ووظيفته ومحل إقامته وتوقيع من أصدره ، فضلاً عن اشتماله على الزمان والمكان اللذين يحضر فيهما. 3- دراسة الأوراق حيث يجب على المحقق قبل البدء في التحقيق أن يقوم بدراسة كل أوراق القضية وأركانها وكل ما يتعلق بها لكي يتمكن من تحديد نوعية المخالفة المطلوب التحقيق فيها ولمعرفة اختصاص وطبيعة عمل الموظف المخالف. وهناك اجراءات ينبغي على المحقق مراعاتها أثناء التحقيق : 1- وجوب بداية التحقيق بمواجهة الموظف بالتهمة المنسوبة إليه وإحاطته بوضوح أنه بصدد تحقيق رسمي معه بشأن هذه التهمة وإفهامه أن ذلك يؤدي إلى توقيع عقوبة تأديبية عليه في حالة ألإدانة. 2- استجواب الموظف بأن توضح له جميع تفاصيل المخالفة المنسوبة إليه ومجابهته بالأدلة المختلفة القائمة ضده ومناقشته فيها تفصيلياً ومطالبة المتهم بالرد على ما هو منسوب إليه من وقائع وأدلة اتهام ، وتمكينه من الدفاع عن نفسه من خلال طلب الشهود والمستندات وخلافه التي تؤيد براءته. 3- سماع شهود الإثبات ومواجهة الموظف إذا رأى المحقق ضرورة لهذه المواجهة وإثبات كل ذلك في محاضر التحقيق. 4- سماع شهود النفي الذين يطلب الموظف سماع شهادتهم مع التأكيد على حرية المحقق في تحديد الشهود الذين يستمع إليهم ولكن بالقدر الذي لا يهدر حق الموظف في الدفاع عن نفسه. 5- الاطلاع على الأوراق والمستندات المتعلقة بالمخالفة محل التحقيق وإرفاق صورها بمحاضر التحقيق. 6-وجوب اتخاذ إجراءات التحقيق في حضور الموظف الذي يجري التحقيق معه. 7- مواجهة الموظف في نهاية التحقيق بجميع الأدلة والقرائن القائمة ضده ومطالبته بالرد على كل منها على حدة. 8- أن يقتصر التحقيق في الأمور المباشرة المتصلة بالتهمة والكاشفة عن حقيقتها. كما يتعين على المحقق عند التحقيق مراعاة النقاط التالية في طرح الأسئلة لضمان كشف الحقيقة: 1. أن تكون الأسئلة الموجهة إلى المخالف مباشرة لكي يفهم السؤال ويتمكن من الإجابة عنه بوضوح. 2. ألا يكون السؤال الموجه مما يتوقع أن تكون إجابته طويلة ، لأن صياغة الأسئلة يجب أن تكون مختصرة وكذلك الإجابة عنها. 3. الابتعاد عن الأسئلة التي تكون الإجابة عنها بنعم أو لا فلا تبدأ الأسئلة بعبارة ( هل) فهذه الأسئلة تخصصية أو حصرية لأنها تحصر المخالف بالإجابة بنعم أو لا ، وفضلاً عن ذلك يستحسن أن تبدأ الأسئلة ب (لماذا، كيف، متى، أين) لأن تلك الأسئلة تفتح الآفاق أمام المتهم نحو الإجابة مما تكون سبباً للوصول إلى الحقيقة بالطرق المشروعة. 4. يفضل طرح السؤال شفاهة وتسمع الإجابة ثم يدون المحقق أو كاتب التحقيق السؤال والجواب. 5. يفضل أن تكون الأسئلة مترابطة ومتماسكة بعضها ببعض مع مراعاة التدرج في الموضوع. 6. يفضل عدم مقاطعة الموظف فيما يدلي من إجابة ما لم يخرج عن موضوع السؤال حتى تكون الوقائع والأحداث التي يدلي بها مرتبة ومنتظمة. وينبغي أن تتوافر في المحقق العديد من الصفات لأجل ضمان سلامة إجراءات التحقيق. ومن أهمها ما يلي: 1. الدراية والخبرة بشئون التحقيق وأن يكون مؤمناً برسالته في استظهار الحقيقة وتحقيق العدالة باعتبارهما الغاية والهدف المنشود من التحقيق. 2. يجب على المحقق أن يتصف بحسن الخلق، واحترام الذات وقوة الشخصية وحسن المظهر وسمو الشعور وإدراك أهمية وجدية التحقيق حتى يكتسب ثقة أطراف التحقيق ويرسخ اعتقاده في سلامة إجراءاته 0 3. على المحقق أن يلتزم بضبط النفس أثناء مباشرته التحقيق وأن يكون حليماً لا يستسلم للغضب أو الغيظ أو لسيطرة الغرائز لأنه إذا كان غير ذلك فإنه لن يتمكن من اكتشاف الحقيقة وقد يؤدي به انفعاله إلى تبرئة مجرم أو إدانة بريء. 4. يجب أن يتصف بالذكاء والفطنة وسرعة البديهة وقوة الملاحظة والذاكرة والبعد عن الغلط والسهو حتى لا يكون عالة على التحقيق. 5. يجب عليه الالتزام بالحيدة والبعد عن المؤثرات والميول إلى قد تؤثر سلباً في مجريات التحقيق. 6. يجب عليه الالتزام بالأصول المرعية في مسائل التحقيق وأن يعي أن مهمة التحقيق أمانة في عنقه ، فإن أحسن القيام بها كان ذلك مدعاة لإظهار الحقيقة وتحقيق العدالة والعكس صحيح. 7. يجب أن يكون واعياً ومدركاً لأهمية التحقيق وملماً بأصوله وإجراءاته التي تقررها الأنظمة واللوائح وأن يعمل على تنمية مهاراته وتطويرها في هذا الجانب والاطلاع على كل ما يستجد من كتب ودوريات قانونية ومبادئ عامة أقرها ديوان المظالم فضلاً عن الاحتكاك بالمحققين الأكثر خبرة في هذا المجال للاستفادة منهم. 8. الابتعاد عن الوعود التي لا يملك المحقق إمكانية تحقيقها وكذلك الابتعاد عن تضليل المتهم أو إيهامه أو التغرير به بقصد الحصول على اعتراف معين. 9. لا يجوز أن يتولى التحقيق في القضية من يتصل بأحد أطرافها بصلة القرابة أو النسب حتى الدرجة الرابعة. ختاما نتساءل: كم من الموظفين يعرف هذه الاجراءات التي يكفلها له النظام عند التعرض لتحقيق إداري ؟ الجواب قلة قلية جدا ، والسبب ضعف التوعية والتثقيف الوظيفي في هذا الجانب المهم الذي يعتبر حق من حقوق الموظف.ولذلك ندعو كافة الإدارات في أجهزتنا الحكومية والأهلية وخاصة القانونية منها بذل المزيد من الجهد في توعية وتثقيف موظفيها بحقوقهم المختلفة وبخاصة اجراءات التحقيق الإداري.