د.هلال محمد العسكر هناك معايير لقياس مستوى التحضر والتخلف لدى الشعوب ، من أهمها قياس مستوى "ثقافة الإحترام" كاحترام الوقت، احترام المكان، واحترام الإنسان، حيث أن الاحترام هو أحد أهم القيم الحميدة التي يتميز بها الإنسان كمخلوق خصه الله بالعقل. احترام الوقت من حسن الأخلاق ؛ فاحترام المواعيد سمة مميزة للإنسان المنضبط، بل ويعد من أهم عوامل النجاح في حياة البشر، لأن للمواعيد المضبوطة أهمية كبرى، وربما توقفت عليها حياة أشخاص ومستقبلهم، ولأن احترام المواعيد وعدم الإخلال بها - إلا بعذر قاهر - تطمئن الناس بعضهم إلى بعض وتربي الثقة في عهودهم والتزاماتهم، ولأن عدم الالتزام باحترام المواعيد يشجع العابثين وأصحاب الأهواء، ويثبط عزائم الجادين ويساهم في تخلف المجتمع بأسره. وبذلك يعتبر إخلاف المواعيد مرضا خطيرا يتطلب من المخلصين لدينهم ووطنهم التفكير في علاجه. كما أن لاحترام المكان قيمة أخلاقية لكونه "الحيز الانساني الحاوي على قدر من العادات والتقاليد والصيغ الفكرية اضافة الى الزمن الذي يشكل بعدا حقيقا في مقياس التحول لوظيفية ألمكان نتيجة دينامكية النظرة الاجتماعية لواقع الحياة المتغيرة باستمرار،والمكان الجيد هو الموصل الجيد لكل الأحاسيس والإنسان لا يمكن ان يشعر بأدائية المكان ما لم يحقق المكان للإنسان ما يحتاجه من حماية وسهولة حركة وإضفاء اجواء مكانية جمالية تشعر الانسان بالرغبة في التفاعل مع المكان من خلال انعاش روحية المدينة وإيجاد حالة من الترابط بين المدينة كمكان والمدينة كانسان (كائن عضوي) والمدينة كحضارة،.ومن اجل فهم طبيعة تفاعل الانسان مع المكان وسلوكه فيه يفترض فهم كيف يفكر الانسان وكيفية ادراكه للأشياء المحيطة به، مما يضفي بعدا جديدا للوظيفة الانسانية للمكان، ولذلك يرتبط مفهوم الانتماء والمحلية والهوية، بمعطيات المكان التاريخية والثقافية التي تثير مشاعر الناس وتحفزها كقيم محلية تعبر عن خصوصية المكان. أيضا احترام الإنسان كمعيار لقياس ثقافة الاحترام لا يقل أهمية عن احترام الوقت والمكان ، حيث أن حقوق الإنسان ، هي الحقوق والحريات المستحقة لكل شخص لمجرد كونه إنسانا.لا لكونه أي شيء آخر بغض النظر عن جاهه ووجاهته وماله ونسبه وحسبه ولونه ومعتقده، ويستند مفهوم حقوق الإنسان على الإقرار بما لجميع أفراد الأسرة البشرية من قيمة وكرامة ، فهم يستحقون التمتع بحريات أساسية معينة. وبإقرار هذه الحريات فإن المرء يستطيع أن يتمتع بالأمن والأمان ، ويصبح قادراً على اتخاذ القرارات التي تنظم حياته ، وحقوق الإنسان ليس لها تعريف محدد بل هناك العديد من التعريفات التي قد يختلف مفهومها من مجتمع إلى آخر أو من ثقافة إلى أخرى، لان مفهوم حقوق الإنسان أو نوع هذه الحقوق يرتبطان بالأساس بالتصور الذي نتصور به الإنسان ، ولكن تكفل القوانين وتضمن الأنظمة التشريعية في معظم بلاد العالم صيانة حقوق ألإنسان وعلى الرغم من ذلك فإن هذه الأنظمة لا تكون دائماً فعالة ، وتعجز معظمها عن إقرار بعض حقوق الإنسان. إلا أن المعايير العالمية تضمن إقرار هذه الحقوق. نخلص الى حقيقة أن "ثقافة الاحترام" هي أساس الأخلاق، وأن احترام الوقت والمكان والإنسان مقاييس مهمة لتحديد مستوى الأخلاق وتحديد مستوى التحضر. والتخلف ؛ فالشعوب التي لا تحترم الوقت بثانيته ولا المكان بكل مكوناته ولا الإنسان لإنسانيته تعد من الشعوب غير المتحضرة بل وتعد من الشعوب المتخلفة ، فيا ليتنا يا قومي ننظر الى أنفسنا ونقارن بهذه المقاييس ونحكم على "ثقافة الاحترام" لدينا ومستوانا الحضاري بين الشعوب والأمم الأخرى.! والله من وراء القصد.