الصغير يرضى باليسير ، والكبير يروم النجوم ، صغار النفوس ، يعيشون في دائرة ضيّقة ، لا يبصرون حولهم ، و لا ينظرون إلى الأمام ، ولا يتطلعون إلى المستقبل ، و أحدهم لا يرى أبعد من أرنبة أنفه . تربّى على الصَغار ، و رضي بالفتات ، يقبّل الأقدام ، ويركع أمام الأسياد ، لا يستطيع أن يقوللا) حتى لو كانت تجلب له المنافع ، اعتاد الهوان ، فهو كما يقول المتنبي : من يهن يسهل الهوان عليه ... ما لجرح بميت إيلام . حكمته ( اطعمني اليوم و اذبحني باكر ) فإذا قُدّم إليه طعام يومه رضي و اقتنع و صبر و سكت . وذو العقل يشقى في النعيم بعقله و أخو الجهالة في الشقاوة ينعم. والكبير يروم النجوم ، و يكون الرائد الذي ( لا يكذب أهله ) ، فينظر إلى الأمام ، ويتخطّى الصعاب ، فيكون الدليل و المرشد، فينطبق عليه ما قاله أبو فراس : سيذكرني قومي إذا ما جدّ جدّهم و في الليلة الظلماء يفتقد البدر . يترفع عن الصغائر ، و يتعالى على الدنايا ، يحبّ الخير ، و يعمل به و له ، لا يحابي مسؤولاً ، و لايجاري وجيهاً ، لا تأخذه في الحقّ لومة لائم ، يعمل لإرضاء ربّه ، و لراحة ضميره ، منطلقاً من فهمه لتعاليم دينه ( و قل اعملوا فسيرى الله عملكم و رسوله و المؤمنون) . و إنّي لنجم تهتدي بي صحبتي إذا حال من دون النجوم سحاب .