جرول هو أسم الشاعر الهجاء الملقب بالحطيئة الذي ما ترك شاردة ولا واردة إلا وكتب فيها الهجاء . ولم يسلم من لسانه وشعره أحد حتى بلغ به الحال أنه هجاء أمه وأباه وفي خاتمة أمره عاد على نفسه فهجاها .. وقال في هجاء نفسه : أبت شفتاي اليوم إلا تكلماً بسوءٍ فما أدري لمن أنا قائله أرى لي وجهاً شوَّه الله خلقهُ فقُبِّح من وجهٍ وقُبِّح حامله .. فلما بلغت الشكاوي للفاروق حبسه حتى ينقطع شره .. فما أحوجنا في هذا الزمان لأمثال الفاروق عمر بن الخطاب- رضي الله عنه- أن يأمروا بحبس بعض ممن لا هم لهم إلا الانتقاد وتصيد الأخطاء .. تجده مهذاراً ، ثرثاراً جماع أخبار كالذباب يطير من مكان إلا مكان . فإذا وجد هفوة طار بها ، وإن لم يجد يحور الأفعال والكلام لما يشتهي . لسانه يفري في الأعراض دون حياء ولا مروءة ، وكل ذلك يبرره بالإصلاح والصراحة والجرأة .. ولو ألقيت عليه نظرة وجدته مخزن للعيوب ، لم يترك من رذائل الناس شيئا إلا وتحلى بها .. وياليتهم يكنون مثل جرول عندما ترك هجا الناس وهجا نفسه فيرجعون إلى أنفسهم وينظرون ما فيها من مساوئ ومخازي فنتقدونها ويسعون لتصحيحها ولعلهم يجدون بغيتهم المنشودة في العيوب التي نقبوا عنها وفتشوا فيها .. إن مكثر الانتقاد لسان حاله أنا خير منكم خلقت مما لم تخلقوا منه . لا بأس بشيء من النقد ولكن أن تكون هي سمة الشخص وطبيعته وسجيته فلا بارك الله فيها من خصلة ذميمة لا يتحلى بها إلا دنيء الطبع لئيم النفس .. قال تعالى : ( وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا (7) فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا (8) قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا (9) وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا ) وقال تعالى ( كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ ) وقال تعالى (بَلِ الإنسان عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ ) فهيا بنا إلى عودة صادقة للنفس ... اللهم أصلح أحوالنا .. وزين سرائرنا .. واختم لنا بالصالحات .. محمد بن فرحان العنزي