أشارت المادة (69) مننظام الإجراءات الجزائية أن: "للمتهم والمجني عليه والمدعي بالحق الخاص ووكيلكل منهم أو محاميه أن يحضروا جميع إجراءات التحقيق، وللمحقق أن يجري التحقيق في غيبة المذكورين أو بعضهم، متى رأى ضرورة ذلك لإظهار الحقيقة"، وأشارت المادة(70) من نظام الإجراءات الجزائية إلى أنه: "ليس للمحقق أن يعزل المتهم عن وكيله أو محاميه الحاضر معه في أثناء التحقيق، وليس للوكيل أو المحامي التدخل في التحقيق إلاّ بإذن من المحقق، وله في جميع الأحوال أن يقدم للمحقق مذكرة خطية بملاحظاته، وعلى المحقق ضم هذه المذكرة إلى ملف القضية ,فثقافة المواطنين في الاستعانة بالمحامي في القضايا المستحقة للتوقيف تغيب عن البال للجهل بالنظام ولعل ذلك يعود لعدة عوامل وأسباب متراكمة ومتداخلة، يرى أن من أهمها أن الثقافة الحقوقية بالكامل يشوبها نوع من عدم الفهم. ولعلمن أهم العوامل المؤثرة في ذلك معرفة الناس بارتفاع أتعاب وأجور المحامين، وأنكثيراً منهم قد يرفض استقبال مثل هذه القضايا خاصةً عند بداية مرحلة التوقيف أوالتحقيق، بل ولا يقبلها كثيرون إلاّ عند مرحلة المحاكمة؛ لأنها أقصر مدة وأقل تعباً، كما أن ضعف تقبل وتفهم كثير من المسؤولين للدور المفترض للمحامي يفاقم المشكلة ،إضافة إلى وجود التزام صارم من المحامي بآداب ومبادئ المهنة، كالحرص على حفظ الأسرار، وعدم تضليل العدالة أو التأثير على سير الإجراءات، أو عدم تجاوز حدود الدفاع المشروعة ونحو ذلك. وقد يكون تدخل المحامي يحكمه ظروف كل قضية، فهناك قضايا قد يتدخل فيها المحامي الواعي ذو الخبرة بعد صدور الحكم واكتسابه الصفة القطعية، فيتبين له وجود مستندات أو بينات جديدة لدى موكله تساعد على طلب التماس إعادة النظر في الحكم، فيعاد النظرفيه وينقض ويتغير اتجاه القضية، بينما على عكس ذلك هناك محامون يبدأون القضية من بداياتها وتكون قضية عادلة محقة، لكن أداء المحامي فيها يكون ضعيفاً، وفيه أخطاء وقصور تؤدي لخسران موكله القضية، بينما كان من حقه كسبها، وذلك لأن القاضي لا يجوزله أن يرشد أحد المتقاضين إلى طريقة الترافع، ولا يبين لهم أخطاءهم ويوجههم في قضيتهم، بل يدعهم وشأنهم ثم يحكم بموجب ما قدموه. ونجد كثرة من يستعينون بالمحامي في القضايا المالية، وتنخفض نسبة الذين يستعينون به في القضايا الجنائية ويرجع ذلك إلى عدة أمور أهمها القدرة على دفع تكلفة المحامي، بعكس ذلك في القضايا الجنائية، و،قد يكون أبرزها عدم فهم الأغلبية العظمى من الموقوفين بحقهم في الاستعانة بمحام، وكذلك عدم إعلام الموقوف من قبل جهات الضبط بأن له حق توكيل محام، و عدم قدرة المتهم على دفع أجرة المحامي وقد يكون وضوح بعض المخالفات والجنايات، مما يدفع المتهمة للاعتقاد بأنه قادر على الدفاع عن نفسه، كما أن عدم تقدير الجهات القضائية لدور المحامي يعد سبباً من الأسباب، ويسود الاعتقاد الخاطئ لدى الأغلبية بأن ما ينتهي إليه المحقق يعتبر أمراً مسلماً به. والمحامي عامل مساعد للقضاء، لكنه لن يتأتى له ذلك إلاّ بإلمامه بالقضية، وحضور جلسات التحقيق فلا يجوز لضابط التحقيق منع المحامي من ذلك، مشدداً على أن المهم هو الوصولللحقيقة، فإن أي تدخل من المحامي في أي قضية لا يتوقف عند وقت محدد، وقد يتدخل حتىلو صدر حكم ضد المتهم من المحكمة الابتدائية، فيمكن الطعن عليه لدى محكمة الاستئناف أو المحكمة العليا، أو قد تستجد وقائع ليست موجودة أثناء فترة التحقيق والمحاكمة، وذلك من خلال ظهور أدلة جديدة تمكن المحامي من طلب إعادة المحاكمة، موضحاً أنه حتى وأن أقر المتهم بجرمه، فقد يكون لدى المحامي فرصة لتقليل الحكم على المتهم، وذلك من خلال البحث في الأمور التي تقنع القاضي بتخفيف الحكم من الحد الأعلى إلى الحد الأدنى مثلاً. ولعل من أهم مراحل القضايا الجنائية هي مرحلة التحقيق، فما بعدها مبني عليها، وأن كل ما يقوله المتهم أو يقر به أو يصادق عليه، فهو مؤاخذ به، وغالباً ما تصدر الأحكام القضائية وفقا لما صدر من المتهم خلالها، فالمشكلة الكبرى هي أن الناس لم يعوا بعد أهمية المحامي وما أثر النصائح والتوجيهات التي يقدمها لموكله قبل الدخول في مرحلة التحقيق وأثنائه، وإن قلة من الناس هم من يتفهم هذا الأمر أو يعيره اهتماماً خاصاًإذا كانت القضايا صغيرة، لكن الأمر مختلف حينما يكون الأمر متعلقاً بقضايا كبيرة، فهنا تزيد نسبة وعي الناس كما أنه يبرز فيها أهمية المحامي، مطالباً جهات الضبط وكذا جهات التحقيق أن تعرض على المتهم قبل سؤاله عن أقواله إن كان يريد توكيل محام ليرافقه في جميع مراحل القضية، ونظام الإجراءات الجزائية نص على حق المتهم فيالاستعانة بمحام، لكن النظام نفسه منع المحامي من الكلام أثناء التحقيق، وترك له فقط فرصة تقديم ملاحظاته للمحقق بعد نهاية التحقيق ليضم إلى ملف القضية. كما نجد أن ظروف كثيرمن القضايا يمنع المتهم من استصدار صك وكالة، حيث يمكن أن الضبط وقع ليلاً أو في أيام الإجازات، فيبدأ التحقيق وعند ذلك يكون عدم وجود الوكالة مبرراً نظامياً للمحقق فيمنع المحامي من الدخول في هذه المرحلة، حتى لو طلب المتهم دخول المحامي، مشدداً على أن المراحل الأولى هي من أهم المراحل المفصلية التي تبنى عليها الأحكام القضائية، بل هي المرحلة الأهم والأخطر من كل مراحل القضايا الجنائية، وقال: لانتوقع من المحامي أن يبرئ المتهم من جرم هو ارتكبه وأقر به، لكن ليس كل متهم مذنبا، والقاعدة أن المتهم بريء حتى تثبت إدانته. ومن حق المتهم أن يوكل محامياً أثناء فترة التحقيق حتى يطلع على كافة تفاصيل القضية إن وعي المواطن في مجال المحاماة لا زال محدوداً، فالنظام قد كفل حق المتهم بتوكيل محام، وكذلك أن يتمكن المحامي من حضورالتحقيق والإطلاع على ملف القضية، مشيراً إلى أن بعض القضايا ذات الخصوصية قد تتطلب إجراءات احترازية وسيطرة على مجريات التحقيق، من أجل اكتماله والوصول إلى الحقيقة، مشدداً على أن تأثير المحامي يعتمد على مستوى مهنيته، ومدى إدراكه للصالح العام وحقوق الموكل, و رجال الأمن اليوم يدركون دور المحامي في مسألة الترافع عن المتهم، ويمنحونه حقه في هذا الاتجاه، و ضباط التحقيق لديهم خبرة كافية لتحديد مدى حساسية الاطلاع على ملف القضية، وخاصةً بعض القضايا التي لا يزال فيها التحقيق في بدايته. فالنظام أعطى المتهم هذا الحق، لكن تبقى مهنية المحامي ونزاهته، ومدى إدراكه للصالح العام ولظروف التحقيق، إلى جانب نوع التهمة ومدى ارتباطها بأطراف أخرى، على أن التحفظ الذي قد يبديه ضباط التحقيق حول مبدأ حضور المحامي لجلسة التحقيق أو الإطلاع على ملف القضية يندرج ضمن العملية الاحترازية في بعض القضايا، وذلك يحدث في قضايا استثنائية ومحدودة وذات خصوصية تدفع بضابط التحقيق إلى التحفظ على بعض المعلومات التي قد يدلي بها المتهم، والتي قد تكون متعلقة بجهات أخرى ولعل عدم معرفة الكثيرين بهذا الحق يستدعي أن يتم إبلاغهم بأن من حقهم أن يوكلوا محامياً، وأن النظام قد أعطاهم هذا الحق.وبالله التوفيق. الشيخ حمد بن عبدالله بن خنين المستشار الشرعي والباحث الإعلامي عضو الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان