لا شك أن معرض الكتاب مهرجان رائع في فكرته ونبيل في ثمرته ، أما الثمرة فقمة كمالها في جلب زوار جدد للمعرض غير الذين اعتاد عليهم المعرض واعتادوا عليه . أما الكتب فلا نستغرب إذا علمنا أن لها أعداء يحاربونها ولا يرون فيها فائدة أبداً بل أن البعض قال أنها مضللة وضارة للإنسان ولا يجب أن يقرأها إلا عالم وفقيه ، ولديهم بعض الصحة في منطقهم ، وإذا صححنا كلامهم بالكلية فإننا نؤمن معهم أن المجتمع جاهل و غبي ؛ لأن أي كلمة تذهب بهم وتعود . ما الفائدة من القراءة ؟ البعض قالوا أن قياس الأشخاص في شخصياتهم وكفاءتهم تقاس بكم قرأ وليس بكم عاش ، و البعض قال أن قراءة الكتب تجعلك تعيش سنين مضاعفة في الخبرات والمعارف ، فأنت ستقرأ حياة العلماء والأدباء والفقهاء والزهاد والمفكرين وستعرف خلاصة ما استنتجوا في حياتهم المليئة بالتجارب والبحث ، وستعيش ما عاشوه سنين في ساعات قراءة قليلة ، وفوق كل هذا ستكون ذا منطق حسن ورأي سديد وقرار صائب بإذن الله ، كما سمعت أن القراءة تحارب الشيخوخة وتقوي الذاكرة (تحارب الزهايمر)، وخير صديق في هذا الزمان كتاب. كيف تستفيد من القراءة إذا كنت حسن الاستماع وتقبل الرأي الآخر فأنت حسن القراءة ، فحين تكون رافض للرأي الآخر ولا تعترف إلا بنفسك فلا يمكن أن تتقبل حتى كلمة الحق من الكاتب ، فترفضه كله ، ولست أدعوك لأن تقبله كله ، بل أطلب منك أن تكون حراً في قراءتك ،فلا تكن جزعاً خائفاً من التأثر و ولا تعتقد بأن التأثر كله سلبي ومعيب ، بل مرحباً بمن طورني و آنسني بحديثه ، فالحرية هنا هي أنك تستطيع أن تقرأ للملحد دون أن تتحول إلى ملحد ، ولكنك تعرف منطق الجانب الآخر وطرق تفكيرهم ، واحذر كل الحذر من الأفكار المسبقة التي قد تجعلك ترمي بالكاتب جانباً بخيره وشره . أنا لست إلا حديث عهد بالقراءة ورغم ذلك وجدت فيها الأنس والمتعة والفائدة ، وحديثي عن القراءة سيكون بلا شك حديث ناقص ، ولست بخبير ولكنني أعرف أن القراءة شعور لا يوصف ، فالقارئ لا يستطيع أن يثبت لك عالم القراءة إلا أن يقول اقرأ وسترى ، واقرأ هي أول كلمة نزلت من كلام الله جل وعلا على نبيه الكريم صلى الله عليه وسلم . ابحثوا عن حديث الشيخ علي الطنطاوي رحمه الله عن القراءة وحياته معها فقد تحدث عما يفوق السبعين سنة من القراءة والمطالعة والعيش بين الكتب . اقرأ وستجد أنك تغيرت وتحسنت و بدأت تتكلم وتكتب وتتحرك حتى بشكل مختلف . ألقاكم بحال أفضل عبد الرحمن محمد الحيزان