كان عابداً تقياً زاهداً نقي السريرة طاهر القلب عف اللسان . عاش حياته كما عاش السلف الصالح من العلماء والتابعين . ذلكم هوالشيخ عبدالعزيز بن حسين بن أحمد العسكر . الذي انتقل إلى رحمة الله قبل فجر يوم الأحد الأول من ذي الحجة 1431 ه . توفي رحمه الله عن عمر ناهز 98 عاماً ، ويعد الفقيد من رواد التعليم ورجال الحسبة ، ورواد الأعمال الاجتماعية الخيّرة بالخرج . ولد عام 1333ه تقريباً بالدلم - قاعدة الخرج الأولى – وفيها تلقى تعليمه بالكتاتيب التي كانت قائمه آنذاك ، وحفظ القرآن في سن مبكره . وفي عام 1355ه انتقل إلى الرياض طلباً للعلم حيث التحق بالدروس العلمية لسماحة الشيخ محمد بن ابراهيم آل الشيخ مفتي الديار السعودية آنذاك ، فدرس على يديه العقيدة ، والتوحيد ، والتفسير ، والحديث النبوي الشريف ، والفقه . كما درس الفرائض على يد الشيخ عبداللطيف بن ابراهيم آل الشيخ ، وبعد تعيين سماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز قاضياً في الخرج عاد الشيخ عبدالعزيز بن حسين العسكر إلى الدلم في عام 1357ه ، والتحق بدروس الشيخ بن باز الذي مكث في الدلم أربعة عشر عاماً . كان خلالها قاضياً ومعلماً ومرشداً وتخرج على يديه عدد كبير من أبناء الدلم وغيرهم في علوم الشريعة الإسلامية واللغة العربية . وحدث في حياة الشيخ العسكر حدث كان له ما بعده ، فقد توفي والده في عام 1364ه ، والذي يعد من وجهاء الدلم ورجالها المعدودين . فانشغل بمزرعة والده في حي العذار مع أخيه ناصر غير أنهما ما لبثا أن تركا المزرعة لمستأجر من المزارعين في عام 1370ه ، بعد أن تراكمت عليهما الديون وعاد الشيخ عبدالعزيز بن حسين العسكر لمواصلة التحصيل العلمي ، وفي عام 1371ه اختير مدرساً بمدرسة الدلم التي سميت فيما بعد بمدرسة ابن عباس ، وضمت إليها المدرسة الأهلية التي أسسها الأستاذ الكبير أحمد بن مرشد المسلم عام 1364ه ، واستمر الشيخ العسكر مدرساً للعلوم الدينية بها 28 عاماً . وكان يمشي سيراً على الأقدام يومياً ذهاباً وإياباً بمسافة (2) كيلومتر تقريباً من مقر سكنه بحي العذار إلى مقر المدرسة بحلة الدلم . وفي فترة تالية اختير إماماً وخطيباً لمسجد العذار خلفاً للشيخ عثمان الهليل الذي انتقل إلى موقعٍ آخر، كما اختير عضوا في هيئة الأمر بالمعرف والنهي عن المنكر. ومساهمة منه في خدمة المجتمع كان يقوم بمهام كاتب العدل قبل افتتاح كتابة العدل ، حيث يقوم بكتابة عقود المبايعات والأوقاف الخيرية ونحوها . وذلك بدون مقابل مادي وبالإضافة إلى ذلك كان له جهود خيرة في إصلاح ذات البين بين الناس وإجراء عقود الزواج وأعمال البر . وبعد احالته للتقاعد في عام 1399ه انتقل وعائلته إلى الرياض وسكن في حي الشفاء ، واختير إماماً للمسجد القريب من سكنه ، حيث استمر إماما للمسجد أكثر من عشرين عاماً . كان الشيخ عبدالعزيز بن حسين العسكر شديد التمسك بفرائض الدين ، وكان من أول من يدخل المسجد عند أوقات الصلوات الخمس . كان – رحمه الله – يتسم بلين الجانب والتواضع الجم ، واحترام الصغير والكبير ، والابتعاد عن الأضواء والظهور . وكان بشوشاً يستقبل زائريه بالحفاوة البالغة والسؤال عن أحوالهم والدعاء لهم ، ويتحف مجالسيه ببعض القصص والنوادر الطريفة التي تدخل الفرح والسرور على النفوس ، وكان حديثه لا يمل ، وواجه في حياته محناً ومصائب شديدة الوقع على النفس، فقد توفي له خمسة أولاد وأربع بنات ، وتوفيت زوجته فكان صابراً محتسباً مؤمناً بقضاء الله وقدره . وتولى العناية به ابنته الوحيدة وحفيده منها الأستاذ سعود بن عبدالعزيز بن عبدالله العسكر ، الذي لازمه في أواخر حياته . وبعد أن كبر سنه وضعفت قواه بفعل الشيخوخة ، اعتذر عن إمامة المسجد . ولكنه لم يتخلف عن أداء الصلوات الخمس مع جماعة المسجد حتى يوم وفاته . وإسهاماً منه في اعمار المساجد وتهيئتها للمصلين أقيم مسجد جامع في جازان على نفقته الخاصة أوقفه لوجه الله تعالى . أما اللحظات الأخيرة من حياته فيذكر ابن شقيقه الأستاذ عبدالله بن ناصر بن حسين العسكر نقلاً عن حفيده سعود الآنف الذكر أنه أدى صلاة الليل كعادته وقرأ نحو جزأين من القرآن الكريم ثم خلد إلى النوم . ولكنه بعد وقت قصير أسلم الروح إلى بارئها رحمه الله رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته . إن سيرة حياة مثل الرجل الجليل جديرة أن تروى للأجيال الصاعدة . لقد أفنى حياته في طاعة ربه ، وفي طلب العلم وخدمة دينه ومليكه ومجتمعه .. كان كالسراج المنير يحترق داخله ويضيء النور للآخرين . عبدالله بن هلال العسكر صحفي وإعلامي متقاعد