في كل دائرة حكومية أو أهلية نجد في بعض الإدارات تجمعات بين مجموعة من الموظفين، وتكتمل هذه التجمعات في نظرهم بالحديث عن المدير أو عن زملاء آخرين في العمل وبالذات مع صحن الفول وخبز التميس كل صباح، أو مع تدخين السجائر في الممرات وعند مخارج الطوارئ، أو عند تناول القهوة مع التمر في فترة الضحى . ويجد كثير من الموظفين اللذة والمتعة في مقر العمل بالحديث عن زملائهم ومدرائهم بإستمرار ولا تخلوا هذه الأحاديث عادة من التجريح والتقطيع والحش! مع التقليل من شأن هؤلاء الزملاء أو من شأن المدير وإنتقاص جميع القرارت التي قد يتخذها، ويصل الأمر عند البعض إلى تقليد هذا المدير في حركاته وتصرفاته وأسلوب حديثه بالإضافة إلى تقييم مستوى عمله، والأسوء من ذلك إنتقاده في ظهر الغيب أمام المراجعين. كما أن هناك من الموظفين من يفتي بفتوى إكسبرس سريعة التحضير لنفسه ولغيره بجواز الحديث عن زملائه أو مديره ويعتبر هذا حق مشروع لكل موظف أن يشارك ويدلي بدلوه كيفما شاء من أجل مصلحة العمل ويجزم بأن حديثة عن زملائه أو رئيسة لايدخل في حكم الغيبة على الإطلاق ويندرج حسب مايراه تحت مايسمى باللمم!! مع العلم بأنه قد لايعرف لهذه الكلمة معنى أو تفسير، وتزداد الغيبة بشكل خاص إذا كان هناك إختلاف دائم في وجهات النظر بين الموظف ومديره أو بين الموظف وزميل آخر. لقد تحولت أماكن العمل مع الأسف لدى نسبة كبيرة من الموظفين إلى مجالس للحديث والغيبة والإنشغال عن أداء العمل بما لايرضى الله، فمن المستحيل أن يمضي يوم من أيام العمل دون أن نشاهد هذه التجمعات ودون التحدث عن الآخرين، ومن المؤلم بأن هذا الوضع استشرى وانتشر في كافة القطاعات بمختلف أنواعها، ومن المؤلم بشكل أكبر بأننا نسمح للمغتاب بالغيبة في مكاتبنا وبحضورنا. جميعنا نعلم بأن الله سبحانه وتعالى قد حرم الغيبة ونعلم أيضاً بأن هناك أحاديث شريفة تتحدث عن تحريم الغيبة، ومع ذلك نتمادى ونستمتع في الحديث عن زملائنا ورؤسائنا، والعجيب بعد ذلك بأننا نردد كفارة المجلس بكل ثقة وجراءة غريبة حتى لانقع فيما يسمى بالغيبة! ولم نفكر يوماً من الأيام أن نضع حداً للغيبة ولكل مغتاب، ولم نفكر بأن إختلافنا أو خلافنا مع زملائنا لايعني أن نغتابهم، فما أن نختلف مع أي زميل في العمل أو مع المدير نرى بأن هذا المدير على خطأ وبأنه متشدد وغير متعاون وسيء الأخلاق ولايفقه في أمور الإدارة شيء أو بمعنى آخر نرى بأن مديرنا ماعنده سالفة.! ونبدأ بالحديث عنه وننتقده بإستمرار وننسى قول الله تعالى }يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضاً أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَّحِيمٌ{ . قد يخفى على كثير من الموظفين أمر في غاية الأهمية ويجهلون نقطة حساسة حول الغيبة في العمل، فيجب أن يدرك كل موظف بأن من تحدث معك عن الآخرين واغتابهم في مكتبك سيأتي يوم ويتحدث عنك للآخرين ويغتابك في مكاتبهم، لذا فإن ما لاترضاه على نفسك لاترضاه على غيرك. دمتم بخير.