أجرت أحدى الصحف لقاء مع السفير الإيطالي في بلادنا الذي أعلن إسلامه مؤخرا فكان مما قال : " ليس الأصم من لا يسمع ولكن الأصم حقيقة من لا يريد أن يسمع " . لأن الأصم تستطيع أن تصل له بطريقة أخرى لكن الذي لا يريد أن يسمع يصعب عليك إيصال الخير إليه , وكثير من الناس والعياذ بالله يكتب على نفسه الصمم وهذا يواجهه الدعاة والمربون والمعلمون كثيرا , يكتب على نفسه الصمم لا يريد أن يسمع لا يريد أن يقبل بل إن من الناس من لا يريد أن يفكر أصلا . والناس في التفكير ثلاثة : شخص لا يستطيع أن يفكر فهذا مجنون . وشخص لا يريد أن يفكر فهذا متعصب لما هو عليه . وشخص لا يجرؤ أن يفكر فهذا والعياذ بالله كما قيل عبد من العبيد لا محالة لا يستطيع أن ينفك عن السير الذي هو ماضٍ عليه . فأعرني عقلك أخي الكريم لحظات وفكر معي فيما سأكتب قليلا لعل فيه الخير لي ولك أخي الكريم ... إن من نعم الله علينا في هذه الحياة القصيرة في مجملها التي انغمسنا في لذاتها ولهثنا وراء شهواتها أن جعل الله لنا فيها مواسم نعوض فيها قصر أعمارنا ونتدارك فيها طلب غفران الكثير من زلاتنا ومن هذه المواسم .. موسم ما هي إلا لحظات وسيطل علينا ثم تغرب شمسه في لحظات فيجب أن نستمر في سؤال الله بلوغ هذا الشهر ونزيد على ذلك التوفيق للعمل الصالح فيه فكم موفق لبلوغه محروم من الصالحات فيه وكم مدرك له لا يدرك فضله وقدره فما أعددنا لهذا الشهر حين وفقنا الله لبلوغه وحرم منه غيرنا بموت أو مرض أو عجز هل سيأتي وينقضي كما هو غيره من الشهور أم سيكون لنا وقفة مع أيامه ولياليه أحبتي .. كم قصرنا في جنب الله وكم ضيعنا أوامر الله .. صلوات ضيعت وأوقات أهدرت وأذكار نسيت وسنن اندثرت وواجبات عطلت .. فهل سيكون لنا مع أنفسنا في هذه الليالي وقفة صدق فلنشمر ساعد الجد عباد الله ونجدد العهد مع الله حتى يكون هذا الشهر خير عون على تلاوة كتابه وإقامة الصلاة والمحافظة عليها والقيام مع الإمام حتى ينصرف والحرص على الصيام وحفظه من كل ما يؤثر في كماله فرب صائم يوم فطره خير من يوم صومه وذلك المحروم فلنحقق قوله تعالى { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ } [ البقرة : 183 ]. نعم ( لعلكم تتقون ) ، إن رمضان فرصة لنا أن نجدد العهد مع الله تعالى ، وأن نتوب ونؤوب إليه وأن نتخلص من أمراض قلوبنا وذنوبنا وأن نصحح مسيرنا إلى الله تعالى بالتوبة النصوح ولزوم العمل الصالح .. إنها فرصة لنا كي نفتح صفحة جديدة من أعمارنا نعمرها بالعبادة وبالقرب منه تعالى ... إنها فرصة لنا كي نصفي ما بيننا وبين أنفسنا وأقربائنا وأهلنا.. فرصة لصلة الرحم ، وبذل المعروف وفعل الجميل والإكثار من الطاعات وتلمس ذوي الحاجات .. ضع لنفسك أهدافاً في هذا الشهر واعزم على تحقيقها لعل الله أن يجعل لك من شهرك وعمرك نصيب فمن يدري ربما يكون هذا الشهر آخر رمضان تبلغه كتب الله لنا ولكم التوفيق للعمل الصالح في هذا الشهر وفي غيره وأن يجعلنا ممن يصومه ويقومه إيمانا واحتسابا فيغفر له ما تقدم من ذنبه صالح بن فهيد السهلي