في رثاء ابني ( عمر ) ذي الأعوام الثلاثة الذي مات غريقاً ,وقد اصطفاه الله إليه في ليلة الاثنين 15/6/1430ه نزل القضاءُ فزُلزِلت أشجاني وأصاب سهمُ الموت لبَّ جَناني ُ وعَدَتْ عليّ من العوادي غَشْيةٌ دهماء ذاتُ عواصفٍ ودخانِ ما حيلتي في كربتي إلا الرضا وقبول أمر الواحد الديانِ ما حيلتي إلا التصبُّر فهو لي زادٌ إذا ما حُمَّ أمرُ زماني غِيَرُ الزمان على العبادِ كثيرةٌ وأجلُّهنَّ فجيعةُ الوِلدانِ لِمَ لا ؟ وهم نور الحياة وأُنْسُها وهُمُ أزاهرُ روضِها الفينانِ إني رُزئتُ ويالَهول رزيتي بصفي روحي ساعدي وسِناني في ليلة الإثنين في خمسٍ تلتْ عشراً توالت من جمادى الثاني فيها بدا بدرُ السما لما اختفى بدرُ الدنا فتناوبَ القمرانِ !! أوَّاهُ يا عمرُ الذي ما فارقتْ ذكراه قلبَ المُدنَفِ الولهانِ أحَبيبَ قلبي هل أنا في يقظةٍ أم في خيال النائم الوَسنانِ ؟! أعزِزْ عليَّ بأن أراك على سرير الموت قد أُدْرِجتَ في الأكفانِ ياللبراءة في محيّاك الذي قد كان منبعَ فرحتي وأماني أسلمتَ روحَك للإلهِ ولم تكن متلطِّخا بقبائح العصيانِ ورحلتَ عن دنيا الدناءة طاهراً عَفَّ الإزار معطّرَ الأردانِ أبنيَّ كم سالت لفقدك أدمعي وجرت كقَطْر الوابل الهتّانِ إني لأكظم في الورى من لوعتي ما قد أضرَّ بخاطري وبراني فإذا خلوتُ فللدموع حكايةٌ تروي لهيب الشوق في وجداني يا نور عيني ياحُشاشة مهجتي يا أنس روحي يا ربيع زماني كم هزّني الشوق الدفين لضمَّةٍ أسلو بها من لوعة الحرمانِ كم ذا أحِنُّ لصوتك العذب الذي ما زال يُطرِبُ مسمعي وجَناني كم شاقني مرآك تبسِم ضاحكاً ويداك تمتدانِ حين تراني في كل ركن من زوايا البيت أصْداء تثير كوامن الأحزانِ لما وقفتُ على الحبيب وقد بدت عيناه شاخصتين للرحمن أحسستُ أن الأرض ضاق فسيحها وشعرتُ أن أديمها يصلاني مالي أناديه فليس يجيبني؟! ولطالما ناديتُه فأتاني ولطالما طرب الفؤاد لشدوِه ببدائع الأنغام والألحانِ رحماك يا رباه فاجبُر كسرنا والطف بنا يا صاحب الإحسانِ واللهِ لم أصبر على مرِّ القضا إلا رجاء الأجر والغفرانِ أسلمتُ للديان أمري راضياً مالي سوى التسليم والإذعانِ لا يُسألُ الرحمن عن أفعاله سبحانه فهو العظيم الشانِ يقضي ويحكم ما يشاء لأنه رب الخلائق إنسِهم والجانِ ملك تفرّد بالجلال وبالعلى فله البقاء وما سواه فاني فلك المحامد يا إلهي والثنا متتابعا في السرِّ والإعلانِ فلئن أخذتَ فقد وهبت منائحا جلّت عن التعداد والحُسبانِ ولئن مضى عمرٌ فإن محمداً خلَفٌ أرجيه لبأس زماني أخواته اللاتي رُزقتُ بهنَّ من نِعَمِ الإله المُُفضِل المنانِِ *** *** إني أعزي النفس لا بقصائدٍ مسبوكةِ الكلماتِ والأوزانِ لكنْ عزائي في بلائي أنني أرجو بفقدكَ أعظم الإحسانِ أُبدي رضاي بما يقدِّر خالقي كيما أثقِّلَ بالرضا ميزاني في موقفٍ للحشر يعظم عنده هولٌ يُشِيبُ مفارقَ الولدان والخلق في كربٍ ، ونارُ جهنمٍ ترمي وتَغلي بالحميم الآني وهناك أسمع في الجموعِ منادياً: أبتي وأمي أقبِلا ضُمّاني فأجيل طرفي إذْ بفلذةِ مهجتي وعليه حليُ التِّبر والتيجانِ عمرُ الحبيب أتى بوجهٍ ضاحكٍ كالبدر شعّ بنوره الفتان ِ أبتي ويا أمّاه إني ههنا في حبْرةٍ وبحضرة الرحمنِ ألهو وأمرح حيثُ شئتُ بجنةٍ خضراءَ ذاتِ مرابعٍ ومغاني لا تحزنا فالله أكرمكم بما قد نالكم بمصيبة الحرمانِ مدّا إليّ يديكما فأنا لكم فرَطٌ شفيعٌ سائقٌ لجنانِ قوما إلى دار الكرامة والرضى وتنعّما بالرَّوح والريحانِ هذا رجائي وهو سلوة وحشتي وبه أثبت موقناً إيماني ***** ***** تلكم تباريحي نثرت جمانها فجرى اليراع مسطراً أشجاني وحكى مشاعرَ والدٍ شرب الأسى وجرتْ عليه نوائبُ الحِدثانِ فعليك يا ولدي الحبيبُ تحيةٌ مني مضمّخة بفيض حنانِ وإلى لقاء لا تفرّق بعده عند الإله بجنة الرضوانِ شعر: عبدالله بن محمد العسكر محاضر بجامعة الملك سعود – فرع الخرج