كثيرة تلك الأقلام التي جعلت من "منتظر الزيدي" بطلاً قومياً وعربياً عندما رمى جوز حذائه باتجاه الرئيس الأمريكي في مؤتمر صحفي في العراق فاستطاع الرئيس تفادي الحذاء الأول ليقع الآخر على العلم الأمريكي فيجن بعدها جنون العرب لهذا الموقف البطولي. نعم هو موقف بطولي وانتقامي على الصعيد الشخصي للصحفي "منتظر" الذي اعتقلته القوات الأمريكية وأهانته مراراً في ظل تحقيقات ومناوشات ولكن في المقابل هو دليل على عجز هذه الأمة التي تتغنى بمجدها أن تقف كرامتها على محك رمي الحذاء واعتباره انتصاراً وكثيرة الأحذية والعبارات الفضة التي تلقاها الرئيس الأمريكي بوش ومن سبقه من شعبه قبل الآخرين فما هو مستوى التأثير الذي ستحدثه سوى تفريغ شيء من الشحنات. والمخزي في الجانب الآخر التهكمات التي ناوش بها الكتاب قرائهم من خلال المقالات التي تصف الموقف بأشكال متعددة وصل بعضها إلى أن يقول أن المؤتمرات الصحفية القادمة ستقام في باحات المساجد لإجبار الصحفيين على خلع الأحذية. إنني هنا أجل موقف الصحفي وأقدره كانتقام شخصي ولكن ليس موقفاً عربياً ستنتج عنه قنبلة سياسية تسرع بالانسحاب الأمريكي من العراق أو اعتذار رسمي للشعب العراقي بل العكس تماماً فالوصاية دفعت وزارة الداخلية العراقية لتكون الخصم أمام إبنها العراقي في المحكمة نتيجة قذف الحذاء واستبسال المحامين العرب للدفاع عنه وتقدم من يريد شراء الحذاء بالملايين. إن هذا الموقف لم يزدنا إلا انقساماً على أنفسنا وفضحنا لبواطن الأمور فيما بيننا ووفق الإعلامي "منتظر الزيدي" في كشف عوارنا أمام العالم وأننا لسنا إلا مجرد قاذفي الأحذية وكأنه يذكرني بما هو من ثقافتنا " أوسعتهم سباً وساروا بالإبل". سلمت يدك يا منتظر لأنك انتقمت لذاتك.. وتعساً لأمة لم تجد ما تفاخر به إلا رمي الحذاء .. وقد نهبت ثرواتهم واستحيي نسائهم وأذلت شيوخهم ويتمت أطفالهم .. ورجالهم إما عملاء أو رهن الاعتقال. محمد بن سعد الدخيني