مع دخول موسم الأنفلونزا الموسمية، أصبح الحديث في هذا المرض واللقاح الخاص به ضروريا لتوعية القراء بأهمية اللقاح. وموسم الأنفلونزا في شمال الكرة الأرضية يكون بين من بداية شهر أكتوبر حتى نهاية شهر مارس وهذا يعني أن احتمالات الإصابة بالعدوى تكون أكبر خلال هذه الفترة ولكن العدوى يمكن أن تظهر في أي وقت. هناك أمر آخر يدعونا للحديث عن اللقاح وهو أن كثيرا من الناس ما زالت لديه مخاوف لقاح فيروس H1N1 أو ما عرف وقتها بلقاح أنفلونزا الخنازير. وهنا أود القول إن حديثنا هنا هو عن اللقاح الموسمي والذي يتم استخدامه من سنين عديدة وأظهر مستوى أمان صحي كبيرا ووقاية فاعلة بإذن الله من العدوى وتحتاجه فئات معينة من المرضى سنفصلها في هذا المقال. كما يمكن للقارئ زيارة موقع منظمة الصحة العالمية باللغة العربية للحصول على المزيد من المعلومات. الأنفلونزا مرض فيروسي يصيب الجهاز التنفسي العلوي وأحيانا السفلي وينتقل عن طريق استنشاق الرذاذ الحامل للفيروس. والالتهاب يتبع في العادة دورة موسمية ففي المناطق الواقعة شمال خط الاستواء تزداد الإصابة بالعدوى من بداية أكتوبر حتى نهاية شهر مارس و تزداد العدوى بين أشهر ابريل وسبتمبر في مناطق جنوب خط الاستواء. وأعراض الأنفلونزا تتكون في العادة من حمى، سعال، الم في الحلق، سيلان واحتقان في الأنف، صداع، ألم في العضلات وتعب عام في الجسم. ويشعر أكثر الناس بتحسن بعد أسبوع أو اثنين. ولكن خطورة الالتهاب تكمن في أن بعض الأشخاص تسبب لهم الأنفلونزا مضاعفات خطيرة جدا مثل ذات الرئة وفشل التنفس وقد يحتاج البعض للتنويم في العناية المركزة. كما أن الغياب عن العمل الناتج عن الإصابة بالأنفلونزا له آثاره الاقتصادية الكبيرة. وتظهر الإحصاءات في الولاياتالمتحدة أن 130000 شخص يذهبون إلى المستشفى سنويا بسبب الأنفلونزا ويتوفى حوالي عشرون ألف شخص بسبب مضاعفات العدوى بهذا الفيروس. وتزداد مضاعفات المرض عند الأطفال وكبار السن والمصابين بأمراض مزمنة في الصدر والقلب والجهاز العصبي أو الأمراض التي تنقص المناعة مثل الفشل الكلوي وغيره. لهذا السبب ظهرت أهمية وجود لقاح يقلل من نسبة الإصابة بالأنفلونزا. ويعطى هذا اللقاح في الأساس للفئة المعرضة أكثر من غيرها للإصابة بالفيروس أو المرضى المعرضين أكثر من غيرهم للتعرض لمضاعفات العدوى. ويظن البعض خطأً أن الأنفلونزا عبارة عن زكام شديد وهذا ظن خاطئ حيث إن الزكام يسببه فيروس يختلف اختلافا كليا عن فيروس الأنفلونزا. وقد أظهر استفتاء أجري في بريطانيا أن 34% من الأشخاص يظنون أن الأنفلونزا مثل باقي الالتهابات الفيروسية التي تصيب الحلق مثل فيروس الزكام. أكثر الفئات المعرضة للإصابة بالعدوى هم الأطفال الصغار ويقل احتمال العدوى كلما تقدم عمر الطفل. وتزيد احتمالات مضاعفات العدوى عند كبار السن بسبب نقص مناعة الجسم وبسبب وجود أمراض مزمنة في الرئتين أو القلب أو الكلى وغيرها. الفئات التي ينصح لها بالتطعيم: 1. الأشخاص المعرضون أكثر من غيرهم لمضاعفات العدوى: • الأطفال من سن 6-59 شهرا • الحوامل (وينصح بالتطعيم بعد الشهر الثالث) • الأشخاص من سن 50 وما فوق • الأشخاص المصابون بأمراض مزمنة • الأشخاص الذين يعيشون في مراكز الرعاية الخاصة ومراكز التأهيل 2. الأشخاص الذين يعيشون مع الفئة المعرضة لمضاعفات العدوى أو الذين يقدمون العناية الطبية لهذه الفئة: • الذين يعيشون ويتصلون بالأشخاص المعرضين لمضاعفات العدوى • الذين يعيشون مع أو يعتنون بالأطفال الذين تقل أعمارهم عن 6 أشهر • العاملون في القطاع الصحي. وينصح بالتطعيم للفئات السابقة الذكر مرة سنويا. وقد أظهرت دراسة مهمة نشرت عام 2007 في مجلة نيو إنجلاند الطبية المرموقة أن لقاح الأنفلونزا مفيد جدا لصحة كبار السن الذين تعدوا 65 عاما وتمت المراقبة على مدى عشرة مواسم ( 1990- )2000. ففي العينة التي تم دراستها والتي تكونت من أكثر من سبعمائة ألف شخص، أدى أخذ التطعيم إلى نقص حالات التنويم بسبب ذات الرئة وأعراض الأنفلونزا نسبة 27% ونقصت حالات الوفاة (بمشيئة الله) عند الذين تناولوا التطعيم بنسبة 48%. وكانت دراسة سابقة نشرت في نفس المجلة عام 2003 قد أظهرت أن لقاح الأنفلونزا قلل نسبة التنويم عند كبار السن بسبب أمراض القلب بنسبة 19% وبسبب جلطات الدماغ بنسبة 16- 23% . مما سبق يظهر الدليل القاطع على أهمية لقاح الأنفلونزا لهذا الفئة من المجتمع والتي تعتبر الأكثر عرضة للأمراض ومضاعفاتها بسبب نقص المناعة وضعف الجسم. لذلك نوصي القطاعات الصحية بضرورة توفير هذا اللقاح وإعطائه إلى الفئات المستفيدة منه وكذلك أن يحرص أقارب كبار السن على أن يحصل كبير السن على اللقاح. وأفضل وقت للحصول على اللقاح هو قبل حلول موسم الأنفلونزا والذي يبدأ في شهر أكتوبر. كما أننا في المملكة مقبلون على فصل مهم تظهر فيه العدوى بعد حوالي الشهر وهو موسم الحج بسبب كثرة المعتمرين والزائرين من كل أنحاء العالم مما قد يؤدي لانتشار العدوى وهو يوافق هذا العام شهر نوفمبر الذي تزداد فيه الإصابة بالعدوى. ويتوفر اللقاح عن طريق الحقن أو الاستنشاق. ولقاح الحقن هو عبارة عن فيروس غير حي يستخدم مستخلصه لتنشيط الجهاز المناعي وهو الأكثر شيوعا واستخداما أما لقاح الاستنشاق فهو غير شائع ولن يتم مناقشته في هذا السياق. ولقاح الأنفلونزا لا يسبب الأنفلونزا كما يعتقد البعض ولكنه ينشط الجهاز المناعي لدى الشخص حتى ينتج أجساما مضادة للفيروس. وقد قام مركز التحكم بالأمراض في أتلانتا هذا العام بحملة ولأول مرة لتطعيم جميع الأطفال فوق سن الستة أشهر لتقليل نسبة الإصابة بينهم والتي قد ينتج عنها التهابات خطيرة وكذلك لتقليل نسبة حمل الفيروس بين الأطفال. ويتم تجهيز اللقاح بناء على توصيات منظمة الصحة العالمية(WHO). حيث تقوم منظمة الصحة العالمية بمسح مستمر بالتعاون مع 110 برنامجا وطنيا في 82 دولة وبالتعاون مع أربعة مراكز أبحاث في أتلانتا ولندن وملبورن وطوكيو وتصدر الجمعية التوصيات بالنسبة لنوع الفيروسات التي سيحتوي عليها اللقاح كل سنة. ويحتوي اللقاح على أنواع الفيروس الشائعة في العالم. وأظهرت التقارير أن فعالية اللقاح ضد فيروس الأنفلونزا تصل إلى 70-90% في حماية الأصحاء المتطوعين. كما أظهرت التقارير أن الحماية عند المرضى المصابين بالأمراض المزمنة تصل إلى 50% وتقلل من احتمال الإصابة بالالتهابات شديدة في الجهاز التنفسي أو الوفاة. والفائدة الحقيقية لهذه الفئة من المرضى هي الحماية من مضاعفات العدوى الخطيرة. لذلك على القارئ أن يدرك أن الحماية لا تصل إلى 100% وحتى لو أصيب الشخص الحاصل على اللقاح بالأنفلونزا فإنها تكون في العادة أخف منها في الأشخاص الذين لم يحصلوا على اللقاح. كما أن على القارئ أن يدرك أن هناك أكثر من نوع من الفيروسات تصيب الجهاز التنفسي وأن لقاح الأنفلونزا هو للوقاية من فيروس الأنفلونزا فقط والذي يعتبر أخطر هذه الفيروسات. واللقاح آمن جدا ولا توجد له مضاعفات تذكر. وهو قد يسبب ألما في مكان التطعيم لمدة يوم أو يومين. ولكن هناك فئات لا ينصح لها بالتطعيم قبل استشارة طبيب مختص: • الذين يعانون من حساسية شديدة للبيض • الذين سبب لهم التطعيم في السابق حساسية • لم يصرح حتى الآن باستخدام اللقاح للأطفال أقل من 6 أشهر • لا ينصح بتطعيم الأشخاص الذين يعانون من ارتفاع الحرارة ويفضل الانتظار حتى تتحسن حالتهم. ونختم المقال بالتذكير بأهمية اللقاح لفئات معينة من المرضى مثل المرضى المصابين بأمراض مزمنة كالربو وأمراض الصدر المزمنة الأخرى وأمراض القلب والكبد والكلى والسكر كما ننصح كبار السن والحوامل بالحصول على اللقاح لما ثبت له من فعالية كبيرة في تخفيف مضاعفات العدوى ولغياب أي آثار جانبية خطيرة. 3