أملاً في تخفيف الضغط على المرافق الصحية في بلد تنهكه أزمات اقتصادية وسياسية أيضاً، أعطت السلطات اللبنانية الأحد أول جرعة من لقاح فيروس كورونا المستجد. وأصبح رئيس قسم العناية الفائقة وأمراض الرئة بمستشفى رفيق الحريري الجامعي، الطبيب محمود حسون، والممثل الكوميدي الشهير، صلاح تيزاني، الملقب ب"أبو سليم" والبالغ من العمر 93 عاماً، أول من حصل على لقاح "فايزر - بايونتك". كما حث حسون اللبنانيين على تسجيل بياناتهم للحصول على اللقاح. وناشد الجمهور عبر قناة محلية: "من فضلكم خذوا اللقاح في أسرع وقت ممكن". يشار إلى أن لبنان أطلق حملة التلقيح بعد يوم واحد من تلقي الدفعة الأولى من اللقاحات، والبالغة 28500 جرعة من بروكسل، حيث يقع مقر فايزر. ويتوقع وصول المزيد من الجرعات في الأسابيع المقبلة. إلى ذلك سيراقب البنك الدولي والاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر عملية التلقيح لضمان التعامل الآمن، والوصول العادل لجميع اللبنانيين. يذكر أن الأزمات السياسية والاقتصادية والصحية تفاقمت في لبنان، ما أدى إلى تعميق مشاكل البلاد، وزيادة الغضب الشعبي، وانعدام الثقة في الطبقة الحاكمة. وفشلت الحكومة في توفير شبكات أمان اجتماعي أو إصلاح هيكلي لتأمين المساعدات الدولية. كما يدير لبنان حكومة تصريف أعمال منذ الصيف الماضي بعد استقالة رئيس الوزراء حسان دياب بعد انفجار مرفأ بيروت في 4 أغسطس من العام الماضي. وأسفر الانفجار عن مقتل أكثر من 200 شخص، وإصابة الآلاف، ما شكل اختباراً لقطاع الرعاية الصحية المتعثر، وأغرق البلاد في أزمة أعمق. ومنذ ذلك الحين لم تتمكن القوى السياسية المتنافسة من الاتفاق على حكومة جديدة، والقيام بإصلاحات طالب بها المجتمع الدولي لتقديم المساعدة. إلى ذلك أدت القيود بسبب كورونا إلى تفاقم الأزمة الاقتصادية. وقدمت منظمات دولية، ودول متحالفة معها، مساعدات إنسانية للتعامل فقط مع تداعيات الانفجار، وتفشي الوباء. وقدم البنك الدولي قرضاً بقيمة 34 مليون دولار أميركي للمساعدة في دفع تكاليف لقاحات "فايزر-بايونتك" في لبنان، والتي من شأنها توفير اللقاحات لأكثر من مليوني شخص. كما من المتوقع تأمين ما يقرب من 3 ملايين جرعة لقاح أخرى من خلال برنامج "كوفاكس" المدعوم من الأممالمتحدة، وكلاهما مجاني. ويتفاوض القطاع الخاص للحصول على المزيد من اللقاحات. يشار إلى أن لبنان يشهد طفرة في حالات الإصابة بكورونا، وسجل حوالي 337 ألف إصابة، من بينهم 3961 حالة وفاة منذ فبراير الماضي. واستطاع لبنان، الذي يزيد عدد سكانه عن 6 ملايين نسمة، بينهم أكثر من مليون لاجئ، احتواء الفيروس في البداية. لكن منذ انفجار 4 أغسطس، شهدت البلاد ارتفاعاً في معدلات الإصابة، وتزايدت خلال موسم الأعياد عندما سعت الحكومة إلى تعزيز الاقتصاد، وخففت القيود المفروضة منذ أشهر مع وصول ما يقرب من 80 ألف وافد إلى لبنان. وبعد عدد قياسي من الوفيات والإصابات، فرضت الحكومة تدابير إغلاق صارمة، مع حظر تجول لمدة 24 ساعة، وتشغيل الخدمات الأساسية فقط. إلا أن الحكومة تخفف الآن تدابير الإغلاق ببطء. ومن المتوقع أن يتلقى نحو 55 ألف عامل صحي اللقاح في الفترة المقبلة.