نفى المركز الإعلامي بالأزهر، اليوم الأربعاء، ما تداولته وسائل اعلام محلية، من تلقي الدكتور أحمد الطيب، دعوة لزيارة تل أبيب، والتي أحدثت جدلا واسعا في الشارع المصري. وأكد الأزهر، في بيان حصلت "قدس برس" على نسخة منه، أن "هذا الادعاء عار تماماً عن الصحة، وأن الأزهر الشريف له موقفه التاريخي الداعم للقضية الفلسطينية ولحق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف وتحقيق مطالبه العادلة". وفي السياق ذاته، كشف مصدر أزهري، أن الدعوة موجهة من "عراب محاولات لقاء حاخامات وعلماء في الأزهر، ويدعى عمر سالم الباحث الأمريكي من أصل مصري وصاحب فكرة تأسيس فرع لجامعة الأزهر في تل أبيب"، مؤكدا أن جامعة الأزهر تبرأت منه، وأكدت أنه لم يحصل على شهادات منها. وقال المصدر الذي فضل عدم ذكر اسمه ل "قدس برس"، إن جامعة الأزهر سبق أن أصدرت بيان بشأنه في أيار/مايو 2016، حذرت فيه أعضاء هيئة التدريس بالجامعة، من التعامل معه. بدوره، نفى الدكتور محيي الدين عفيفي أمين مجمع البحوث الإسلامية ل "قدس برس" وصول الدعوة التي روّج لها اعلاميا، وحملت توقيع ما يسمى "أئمة المساجد في إسرائيل"، لشيخ الأزهر الشريف أحمد الطيب، لزيارة إسرائيل، وذلك للحديث عن سماحة ووسطية الدين الإسلامي. إلا أن صحيفة "اليوم السابع" المقربة من الحكومة المصرية نشرت اليوم الاحد نص الدعوة الموجهة لشيخ الازهر بتاريخ 4 حزيران/يونيو الجاري، مما يسمي "مؤسسة الهدي والنور للدراسات والابحاث" التي يرأس مجلس الامناء "عمر سالم"، وهو باحث أمريكي من أصل مصري، وصاحب فكرة تأسيس فرع لجامعة الأزهر في تل أبيب، لزيارة مساجد يافا. وبحسب ما نشرته الصحيفة، فقد وجهة الدعوة إلى شيخ الأزهر، بالإضافة إلى الشيخ سليمان سطل، إمام وخطيب مسجد النزهة بيافا والشيخ سميح الطوخي إمام وخطيب مسجد المحمودية بتل أبيب، لزيارة مدينة يافا، وإلقاء كلمة عن "وسطية وسماحة الإسلام"، مع تهنئة لشيخ الازهر بحلول شهر رمضان. ردود افعال متضاربة للعلماء وتضاربت ردود الافعال في مصر بشأن هذه الدعوة، التي رفضها غالبية علماء الأزهر، باستثناء دعوة عضو بمجمع البحوث الإسلامية شيخ الازهر لقبولها واعتبارها "ليست تطبيعا"، ومطالبة أمين سر لجنة الشؤون الدينية بمجلس النواب، شيخ الأزهر بالتنسيق مع البابا تواضروس بشأن هذه الزيارة حال قبول الدعوة. وأبدى عدد من علماء الازهر غضبهم من مجرد طرح فكرة زيارة شيخ الازهر لإسرائيل، ورفضوا في تصريحات ل "قدس برس" طرح أمر زيارة شيخ الازهر لإسرائيل للنقاش أصلا، مشيرين أنه وسبق رفض مجمع البحوث الاسلامية أي زيارة من هذا النوع في بيانات سابقة ورفضهم زيارة المفتي السابق على جمعه للقدس. واعتبر الشيخان محمود مهني عضو هيئة كبار العلماء، والشيخ عبد الفتاح العواري عميد أصول الدين، أن مثل هذه الزيارات مرفوضة تماما من جانب الازهر، قبل تحرير القدس من الاحتلال الاسرائيلي. وقال مسئول أزهري أخر فضل عدم ذكر اسمه، أن "دولة الاحتلال تسعي لاستخدام الأديان لتكريس احتلالها للأراضي العربية، والحصول على اعتراف ديني باحتلالها للقدس وقتلها للفلسطينيين من خلال دعوة رموز الدين الإسلامي أو المسيحي لزيارتها لها بتأشيرات إسرائيلية". ووصف عبد الكريم زكريا، عضو اللجنة الدينية بمجلس النواب دعوة شيخ الأزهر لزيارة اسرائيل بأنها "مرفوضة"، مشيرا إلى أن الأزهر رفض الدعوة وأصدر بيانا بذلك. بالمقابل وصف عضو بمجمع البحوث الإسلامية الأمر ب "الدعوة الطيبة"، بينما طالب أمين سر لجنة الشؤون الدينية بمجلس النواب، شيخ الأزهر بالتنسيق مع البابا تواضروس بشأن هذه الزيارة حال قبول الدعوة. وعلق الدكتور محمد الشحات الجندي، عضو مجمع البحوث الإسلامية، على توجيه دعوة لشيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب، لزيارة تل أبيب من أئمة المساجد في إسرائيل، قائلًا: "زيارة شيخ الأزهر أحمد الطيب لتل أبيب لا تعد ذلك تطبيعًا مع الكيان الصهيوني". وأضاف الجندي، في تصريحات متلفزة أن "دعوة أئمة المساجد لشيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب لزيارة تل أبيب، تصبُ في الاتجاه الصحيح". وطالب الجندي، الطيب بضرورة قبول دعوة أئمة المساجد في إسرائيل لزيارة تل أبيب، مؤكدًا أن "هذه الزيارة ستحرك الجمود في حل القضية الفلسطينية، بالإضافة إلى استعادة المقدسات الإسلامية". واعتبر "ذهاب شيخ الأزهر إليهم لن يعنى أي تطبيع مع الدولة الصهيونية، ولكن يعنى مشاركة لقضايا المسلمين في تلك المنطقة وتأكيد دور الأزهر في رعاية المسلمين في جميع أنحاء العالم". كما وصف الدكتور عبد الحميد الأطرش، رئيس لجنة الفتوى الأسبق، دعوة أئمة المساجد في إسرائيل لشيخ الأزهر بزيارتهم، بأنها "دعوة طيبة"، متابعا: "أرى أن على الإمام الأكبر تلبية الدعوة والذهاب للأئمة المسلمين في عقر دار إسرائيل، ولقاء هؤلاء الأئمة المضغوطين في إسرائيل والذين يعانون من تضييق كبير". وزعم رئيس لجنة الفتوى الأسبق، في تصريح صحفي أنه "حال تلبية شيخ الأزهر للدعوة، فإنه سيكون قد أحرج إسرائيل، إذ إن هذه اللقاءات تبحث القضايا المشتركة، ويتم تبادل وجهات النظر مع المسلمين المتواجدين في تلك الأراضي". وأيد الدكتور عمر حمروش، أمين اللجنة الدينية بمجلس النواب، ضمنا تلبية الأزهر الزيارة لإسرائيل، ولكن عبر مندوب من المشيخة لتلبية الدعوة وألا يذهب بنفسه، داعيا الدكتور أحمد الطيب للتنسيق مع البابا تواضروس. من هو عمر سالم؟ وسبق أن حذر الأزهر الشريف العام الماضي، جميع منتسبيه من التعامل أو استقبال "عمر سالم" بعدما قام بترتيب زيارة للحاخام "يعقوب ناجان" من مستوطنة "عتنيال" لجامعة الأزهر، بعد أن تنكر في صورة مسلم باكستاني، والذي طرده علماء الازهر فور معرفتهم أنه حاخام اسرائيل. وأكد الدكتور عباس شومان، وكيل الأزهر في تصريحات صحفية، أنه لا علاقة للأزهر وجامعته بعمر سالم، ولا يسمح له بدخول أي منشأة تتبع الأزهر الشريف، مشيرا لأن "سالم" يدعى حصوله على الدكتوراه من جامعة الأزهر زورا، وأن المشيخة اتخذت الإجراءات القانونية ضده. وأواخر كانون أول/ديسمبر 2015، وبدعوة من صديقه الحاخام "يعقوب نجان" زار المصري المثير للجدل، إسرائيل، وتعرض للهجوم من قبل شبان عرب لدى إلقائه محاضرة مؤيدة لإسرائيل بجامعة حيفا، فهتفوا ضده ووصفوه بالخائن والمطبع. وتقول جامعة الازهر أن رسالة "سالم" الجامعية" تشتمل على خروج عن ثوابت فرق إجماع المسلمين، وتشتمل على ألفاظ ظاهرها الكفر، وحذرت من التعامل معه، مؤكدة أنه لا يمت إلى جامعة الأزهر بأية صلة، وأنه ليس للجامعة أية اتفاقات مع الجامعة الأمريكية التي يتعامل معه سالم، وأنه يسوِّق لذلك في إسرائيل. وطبقاً لما ذكرته مواقع إسرائيلية، فإن "سالم" يقر بأحقية اليهود في الأراضي المقدسة، وأنه يجب على المسلمين أن يدعموا النصوص الأصيلة في التوراة، وأنه لا يشترط على اليهود أن يعتنقوا الإسلام حتى يقبلهم المسلمين. ويؤيد سالم استخدام مصطح "الأراضي المقدسة" بدلاً من "فلسطين"، متهماً المسلمين الذين يستخدمون مصطلح "فلسطين" بأنهم يخالفون كلمة الله ونص كلامه المقدس. ويقول: "يريد اليهود العيش بسلام والسماح أيضا لجيرانهم بالعيش في سلام. يجب أن يكون لليهود دولة. لا يمكن أن يعتمدوا على الآخرين"، ما أثار تساؤلات حول هويته. وسبق لمجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف أن عقد اجتماعا طارئا ابريل 2012 برئاسة شيخ الأزهر أحمد الطيب لإعلان رفضه لزيارة مفتي مصر السابق الشيخ علي جمعة للقدس المحتلة، في إطار جدل كبير أثارته تلك الزيارة. وقال مستشار شيخ الأزهر محمود عزب، حينئذ أن "الأزهر لم يستشر قط بشأن الزيارة التي قام بها على جمعة للقدس الشريف والأزهر الشريف لم يوافق مطلقا على زيارة القدس تحت الاحتلال الإسرائيلي". وكان المفتي السابق جمعه زعم أن زيارته كانت شخصية ولافتتاح كرسي الإمام الغزالي بالقدس وأنها تمت بالتنسيق مع الجانب الأردني بدون الحصول على تأشيرة إسرائيلية، وأن الزيارة لا تعني قبول التطبيع مع إسرائيل، وإنما جاءت في إطار علمي غير رسمي، وفق زعمه. ورغم قرر البابا السابق شنودة عدم زيارة القدس، زار البابا الحالي تواضروس القدس في تشرين ثاني/نوفمبر 2015 القدس لحضور جنازة البطريرك السابق، وتعيين اخر بدلا منه، ولكنه رفض تلبيه دعوة من رئيس السلطة الفلسطينية لزيارة رام الله، مؤكدًا أنه "لن يدخل الأراضي الفلسطينية أو القدس زائرًا إلا بصحبة شيخ الأزهر".