نظم مركز التميز لأمراض التخثر والنزاف في جامعة الملك سعود بالتعاون مع كرسي ابحاث جراحة العظام بالجامعة لقاءً علمياً هاماً حول مستجدات تشخيص وعلاج أمراض التخثر والنزاف لعام 2013م بمقر كلية الطب ومستشفى الملك خالد الجامعي، جامعة الملك سعود خلال الفترة ما بين 16-18 نوفمبر، حيث شارك في تقديم نتائج البحوث العلمية عدد من كبار الخبراء والاستشاريين من المملكة العربية السعودية ودول مجلس التعاون الخليجي وجمهورية مصر العربية وكندا والولايات المتحدةالأمريكية والمملكة المتحدة وفرنسا وإيطاليا والسويد. واستعرض المجتمعون أحدث المستجدات العلمية حول التشخيص الدقيق لمختلف أمراض التخثر والنزاف بالإضافة إلى استخدام الأدوية الحديثة والتي اعتمدت في المملكة مؤخراً. وشهد الحضور في هذا اللقاء بث حي ومباشر من غرفة عمليات جراحات العظام الكبيرة والمعقدة لمرضى النزاف (الهيموفيليا) بنوعية (أ – ب) حيث قام البروفيسور فوزي الجاسر, المشرف على كرسي أبحاث جراحة العظام بمستشفى الملك خالد الجامعي بالإشتراك مع الدكتور نيكولاس جودارد من المملكة المتحدة بعمليات إستبدال مفصل الركبة وجراحة مفصل الكاحل والإجراءات الجراحية الترميمية والحقن داخل المفصل للمرضى الذين تم تحضيرهم قبل العمليات بإعطائهم العوامل التي يفقدونها وتمت العمليات بسهولة ويسر دون حفات. علماً بأن تعقيدات هذه العمليات الجراحية بالنسبة لمرضى النزاف متعددة وخطيرة بسبب النزف الشديد الذي يصاحبها مما قد يؤدي إلى الوفاة. إلا أن التطورات العلمية والطبية الحديثة تتيح حالياً إجراء مثل هذه العمليات بسهولة وأمان، من خلال التحضير والتجهيز الصحيح للمريض أثناء مرحلة ما قبل أجراء العملية الجراحية وإعطاءه كميات كافية من عوامل التخثر الحديثة التي تمنع النزف وتساعد المرضى للخضوع للعمليات الكبيرة،يتبعها العلاج التأهيلي بعده ثم مزاولة النشاط المعتاد بدون نزف أو ألم. كما عقدت على هامش اللقاء عدد من ورش العمل التي تستهدف تدريب ورفع كفاءة كافة العناصر المعنية بمنظومة علاج مرضى النزاف من أعضاء هيئة التمريض ، وأخصائيي وفنيي العلاج الطبيعي، والعاملين بالمختبرات الطبية، بالإضافة إلى ورشة عمل لتوعية المرضى أنفسهم وكذلك أسرهم وتدريبهم على علاج أنفسهم في المنزل وذلك بحفظ العلاج في المنزل وتحضيره وحقنه عند الحاجة كما هو الحال في مرضى السكري الذين يتناولون حقن الإنسولين في المنزل. كما تم تثقيف المرضى وأسرهم عن كيفية تجنب الأمور التي تؤدي إلى النزف والتعامل معه عند حدوثه. وتعليقاً على ذلك صرح البروفيسور عبدالكريم المؤمن، مدير مركز التميز لأمراض التخثر والنزاف بجامعة الملك سعود أن هذا اللقاء أتاح الفرصة لتقديم رؤية علمية وعملية شاملة للتعامل مع أمراض النزاف على كافة المستويات، كما ساهمت ورش العمل التي عقدت في إطار هذ اللقاء في تأهيل وتدريب عناصر منظومة الرعاية الصحية مهنياً وعلمياً على أحدث المستجدات في هذا المجال، وكذلك إعداد المرضى لفهم طبيعة أمراضهم والتعامل معها بوعي في حياتهم اليومية. ويعتبرمرض النزاف الدموي (هيموفيليا) مرض وراثي يؤدي إلى منع تخثر الدم، حيث يعاني الأشخاص المصابين بهذا المرض من إنعدام وجود العامل الثامن أو التاسع من عوامل التخثر والتي تساعد على وقف النزيف. ويعتمد معظم مرضى الهيموفيليا نوع (أ) على العلاجات التعويضية للعامل الثامن"8" ، فيما يعتمد مرضى الهيموفيليا نوع (ب) على العلاجات التعويضية لعامل التاسع "9"، ووفقاً لمنظمة الفدرالية العالمية لمرض الهيموفيليا، فإن نسبة المصابين بالهيموفيليا نوع (أ) تصل إلى 80 بالمائة، فيما تقدر نسبة المصابين بالهيموفيليا نوع (ب) بنحو 20 بالمائة من اجمالي المصابين بمرض الهيموفيليا عموماً، كما أكدت الدراسات أن أعداد المصابين بالهيموفيليا نوع (أ) يترواح مابين 320 ألف إلى 340 ألف مريض على مستوى العالم. أما في المملكة العربية السعودية وبالرغم من غياب الاحصائيات الدقيقة لأعداد مرضى الهيموفيليا إلى أن بعض الدراسات أظهرت أن ذلك العدد يصل إلى نحو 3000-4000 مريض بالهيموفيليا بالمملكة 99% منهم من الذكور. وأضاف البروفيسور عبدالكريم المؤمن أن علاجات مرض الهيموفيليا شهدت تطوراً ملحوظاً في أعقاب ظهور عوامل التخثر الحديثة المصنعة بتقنية الهندسة الوراثية والخالية من الفيروسات التي قد تنتقل عن طريق عوامل التخثر المحضرة من مشتقات الدم التي كانت سائدة في السابق، والتي أدت في بعض الأحيان إلى الإصابة بالأمراض الفيروسية الخطيرة مثل مرض الالتهاب الكبدي الوبائي "ب" ومرض الإلتهاب الكبدي الوبائي "ج" أو حتى مرض نقص المناعة المكتسبة "الايدز" .1 ومن جهته أوضح الدكتور طارق عويضة، استشاري طب أمراض الدم بمستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث بالرياض، أن علاجات مرض النزاف الدموي (الهيموفيليا) التخليقة المجازة مؤخراً والتي تمثل الجيل الأحدث من العلاجات بخلوها التام من عنصر الألبومين، وذلك باستخدام احدث تقنيات التصنيع والتنقية، حيث يتم استخدام مشتقات صناعية (لجندات) خالية تماماً من أي مشتقات حيوانية، كما تمر بعملية تنقية متعدد المراحل بما فيها التنقية بواسطة الكروموتوغرافي وتقنية النانوفلتريشن المتطورة التي تضمن الكشف والتخلص من الفيروسات المتناهية الدقة وبالتالي خفض احتمالات الإصابة بأي عدوى فيروسية . جدير بالذكر أن الهيئة العامة للغذاء والدواء بالمملكة العربية السعودية أجازت مؤخراً عقارين جديدين للوقاية وعلاج مرض نزعة النزف الدموي (الهيموفيليا) نوعي (أ) و (ب)، ويعتبر العقاران اللذان اجيزا مؤخراً أحدث أنواع العلاجات التخليقية لعاملي تخثر الدم (8) و (9)، حيث تم تطويرهما باستخدام أحدث تقنيات التصنيع والتنقية بهدف تقليص احتمالات الإصابة بأي عدوى فيروسية تنقل عن طريق الدم الملوث. وتعليقاً على مضاعافات الاصابة بمرض النزاف الدموي (هيموفيليا) قال الدكتور طارق عويضة أن هذه المضاعفات كانت متعددة وأكثر خطورة في العقود الزمنية القليلة الماضية ومن ضمنها تقليل معدلات الأعمار بين الأطفال والتسبب في حدوث التهابات وتشوه المفاصل، الا أنه ظهور الأدوية الحديثة المتطورة تكنولولوجياً خفف من حدة هذه المضاعفات بشكل ملحوظ وساهم في قدرة المرضى على ممارسة حياتهم اليومية والاندماج في المجتمع بشكل طبيعي مع زيادة معدلات الأعمار. وأختتم الدكتور عويضة حديثه قائلاً: "عندما يتوقف الأمر على العلاج ، فإن عنصر السلامة والأمان يأتيان في مقدمة الأولويات. لذا، فإن اعتماد احدث تقنيات تصنيع وتنقية العلاجات التخليقية يجعلها خيار علاجي فعال وآمن للعديد من مرضى نزعة النزف الدموي (الهيموفيليا)." المراجع العلمية Keeling D et al. Haemophilia 2008;14:671–84. 1