"واذا أتتك مذمتي من ناقص فهو الشهادة لي بأني كامل" مع اعتراضي على الشاعر بنعته ذاته بالكامل , ولكن للشعر ضرورات وللشاعر نيته , من هذا المنطلق , وعن الحُمًّى بل السُعار الذي أصاب الصحافة الأميركية , بعد قرار الملكة العربية السعودية برفض عضويتها بمجلس الأمن كعضو غير دائم , فهذا البيت من السعر أبلغ رد على الصحافة الأميركية وتهجمها على قرار المملكة , بعدم قبولها أن تشغل عضوية غير دائمة بمجلس أمن غير منصف . لمحة الذكاء والدهاء أن جعل عميد الديبلوماسية في العالم سمو وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل , أن يمضي التصويت قدما فقط ليُرِيَ روسيا وأميركا ما تتمتع به المملكة من قبول دولي لسياساتها الثابتة , ومواقفها المشرفة , وعدم انتهاجها التضليل الاعلامي , ولم تنهج يوما عداوة لدولة , ولم يصدر من اعلامها أو صحافتها ردحٌ من الشتائم , أو المديح , او التقرب من دولة بعينها , وحتى تعليقاتها على ما ينشر كانت بكلمات محددة بعيدة عن الصياح والجعجعة . ولأن الصحافة الأميركية صحافة مرتبطة أساسا باللوبي الصهيوني , ثارت ثائرتها لتضمين الخارجية السعودية قرار عزوفها عن مقعدها بمجلس الأمن ما يتعلق ضمنيا بتدليل المجلس لإسرائيل التي يسيطر أتباعها بنيويورك وواشنطن وسائر أميركا على توجهات الاعلام الأميركي , والذي يقال عنه أنه متحرر من تبعية الادارة الأميركية ولا ينطق باسمها , لكن الحقيقة المؤكدة أنه غير بعيد عن توجهات الادارة الأميركية ويتناغم مع نبضها , بل ويتم توجيهه ليتعاطى مع كل ما يصدر من قرار من أي دولة ويتعارض مع السياسة الأميركية , وما يهمنا هو سياستها نحو القضية الفلسطينية وسائر القضايا العربية والاسلامية , ويكون المعيار الوحيد لتلك الصحف حين تهب هبة واحدة ضد سياسة أي دولة عربية هو ما يمس اسرائيل . وبالفعل تبعية الصحافة الأميركية لرأس المال الاسرائيلي عبر شركات صهيونية مدعومة باللوبي الإسرائيلي بأميركا , ودليل ذلك , حين سئل ناشرٌ أميركي بفضائية عربية شهيرة , عن السر وراء ممالأة الصحافة الأميركية لوجهة النظر الاسرائيلية , فعزا ذلك لسيطرة المال اليهودي على توجهات الصحافة الأميركية المتغافلة عن الحق العربي , فقال : شركاتهم ورساميلهم يدفعون مليارات مقابل اعلاناتهم بصحفنا , فتحجز لهم أعمدة يوجهون كتابا مرموقين يكتبون فيها لصالح إسرائيل , وعناوين الصحف الكبرى بالصفحة الأولى يكون فيها الأولوية لما يخدم إسرائيل , وأردف قائلاً على العرب أن يعلنوا ويدفعوا فوق ما يدفع الاسرائيليون وأتباعهم وداعميهم , عندها - والكلام للناشر الأميركي - " فستتحول البوصلة حتما عكس ذلك , فما ينفقه أثرياءُ العرب في سياحتهم الخاصة من مليارات لو استثمروا ربعها وتم توظيفه لقضيتكم الكبرى فلسطين منخلال الصحافة الأميركية , ما كان استحوذ على أداء وتوجه الصحافة الأميركية اللوبي الإسرائيلي ومن يدعمه . ومن الطبيعي أن تثور ثائرة الصحافة الأميركية نحو المملكة بفعل قرارها برفض عضويتها غير الدائمة بمجلس الأمن وزهدت فيه لعدم فعالية مجلس الأمن وتخاذله في تنفيذ القرارات الخاصة بالقضية الفلسطينية , ولتخاذله عما يوجهه نظام قمعي مع الشعب السوري ومدنه من تنكيل وقصف بشتى الأسلحة , حتى وصل الأمر لاستخدام السلاح الكيماوي , وموقف دولتين كونهما عضوين دائمين ويجهضان اي قرار يدين النظام السوري ونصحوا وتنادوا بسرعة فائقة , لمعالجة ما أسموه الملف الكيماوي لخشيتهم منه على اسرائيل لو تسلم الحكم نظام غير الأسد الذي وظفه لقتل الشعب السوري .. ودليل ذلك عدم معاقبته جراء ما اقترفه بحق أطفال ونساء , والاكتفاء بتدمير الكيماوي وتمجيد بشار لتجاوبه لذات الهدف بل والبناء على ذلك بما ستصدر من قرارات بجنيف 2 ولكون المملكة أكبر داعم للثورة السورية يلمزون من قناة أنها هي وراء تصلب المعارضة حول جنيف 2. وها هي الآن تصرخ وتولول بتوجيه صهيوني , بعد أن صدعت المملكة بقرارها الذي شخَّص المرض المزمن الذي تعانيه الأممالمتحدة , أحدث القرار صدعاً بجدار الغطرسة الأميركية التي توظفها لصالح إسرائيل , ولو تجرأ بشار ولن يتجرأ بالطبع واصاب من إسرائيل ما أصاب لكان القرار الاميركي جاهزاً لإزاحة رئيس النظام السوري عن منصبه بجلسة واحدة , ولن تجرؤ روسيا او الصين على استخدام الفيتو الظالم الذي يعد من أبشع الممارسات ديكتاورية فهو سلاح أميركا ضد من يطالب بإدانة إسرائيل . وفي الموضوع السوري كما كتبت بعدة مقالات أن روسيا وأميركا والصينوإيران وإسرائيل , يتعاضدون مع بشار باعتبار أن سياسته التي اعتمد أن تكون عدوانا عسكريا لقمع الثورة السورية التي استمرت 6 أشهر سلمية , ظن الكثيرون أن أميركا والغرب سيقفون مع ثورة شعب اصابه الضيم من سلوكيات طاغية قمعها بعنجهية بداية حين كانت سلمية , بقتله لمعارضيه , وإراقته لدماء من تظاهروا للمطالبة برحيله , كانت محددات سياسات أميركا والغرب وتعويل العرب عليهم , في حين ترى تلك الدول ما دام النظام السوري الحالي لم يعادي إسرائيل طيلة 43 عاما فإن الخشية ممن سيخلفه من إسلاميين متشددين , منهم من أعلن انتماءه لتنظيم القاعدة , ومنهم من جاء من جمهوريات اسلامية تخضع للنفوذ الروسي , فالتقت مصالح إيرانوروسيا مع مصالح أميركا والغرب عموما , مع , فلا يهمهم سوى المحافظة على نظام بشار الذي يحتفظ بمودة لإسرائيل , و لا بأس بان تعينه على ذلك فئات شيعية باركت لأميركا من قبل احتلالها العراق بل وأعلنت مرجعياتهم حرمة مقاومة أميركا , إذا فلاخوف من بقاء نظام بسند "شيعي" لن يعادي إسرائيل بالطبع , وهاهي أميركا كافأت إيران . كما أن روسياوالصين يتعاملان من هذا المنظار ومن منظار مبيعاتهم العسكرية وانتعاشها حالياً ,ويرون في السعودية ودعمها للشعب السوري , أنه لو نجح لجاء نظام آخر يعادي إسرائيل ويشكل خطرا عليها , بهكذا وقاحة ينظرون للأمور , ومن الطبيعي أن ترى تلك الدوائر ومعها الصحافة الأميركية أن القرار السعودي الذي زهد في عضوية مجلس الأمن , والذي ترجم صفعة قوية لتلك الدول , وبحسبان الصحافة الأميركية بدولة (عظمى) تترنح حاليا من وطأة ديون , "ومع هذا تُعدُّ أقوى دولة بالعالم" , أن تأتي دولة بنظرهم تتجاسر , وترفض مقعدا لكون مجلس الأمن لم ينفذ أي قرار لمصلحة العرب , وأنه بات كسيحا ومسخرا لقوتين أُحاديتين , ومن المحال أن تقبل المملكة أن تكون تكملة عدد فقط , مع معرفتهم أن مجلس الأمن هو مجرد أداة للدول الخمس وبالخصوص لأميركا وروسيا اللذين حالياً يعدان أقرب لإيران , بل ويصرون عليها لحضور جنيف 2 , والصحافة الأميركية تترجم توجهات البيت الأبيض والخارجية الأميركية التى لن تفلح بموافقة المعارضة لحضور جنيف 2 دون ضغط سعودي , وهاهي السعودية أجابت عمليا عن موقفها بحصافة . لذلك كان القرار السعودي من العيار الثقيل , والذي يرتكز على ثقل اقتصادي ونقدي يساهم في استقرار الاقتصاد العالمي , وحبل نجاة للفيدرالي الأميركي, ومن دولة من مجموعة العشرين الأكثر تأبيرا اقتصاديا في العالم , ومن خلال اسهاماتها في الصناديق الدولية ومساعدتها للدول الفقيرة , ومخزونها النفطي الأكبر في العالم , وأكثر من ذلك ريادتها للعالم الإسلامي لاحتضانها الحرمين الشريفين والأماكن المقدسة في مكةالمكرمة , وتتجه إليها شعوب العالم الاسلامي والمسلمين بمختلف القارات إلى بيت الله الحرام خمس مرات في اليوم , ولها زعامتها العربية والتي لم تدعي يوما تلك الزعامة , بل أن أشقاءها العرب هم من يعتبرونها زعيمة وقائدة الأمة العربية , ولكونه كذلك سمعنا نباح صحافتهم , قبل أن تجف محابرهم العفنة , فالسعودية لن تقبل أن تكون تكملة عدد أو "شاهد ما شفش حاجة ".