تجاوز الشيخان القرضاوي والعودة عاد الجدل حول «تمثيل الصحابة» إلى الواجهة مجدداً، بعد بدء قنوات عربية عدة في بث مشاهد لأخطر فتنة بين المسلمين في ما عرف ب«الحسن والحسين»، وهو الذي يوثّق الفتنة التي وقعت بين الصحابة، ويمهد لانشقاق أهل القبلة إلى طائفتين كبيرتين سنية وأخرى شيعية. وفي حين استاء بعض وجهاء آل البيت من الطريقة، التي تم تصوير الخلاف بها، يكرر مفتون ودعاة فتاوى سبقت تقطع بحظر التمثيل مطلقاًً لأي من الصحابة الأبرار، بالسلب أو بالإيجاب، إلا أن صوتاً جديداً انضم للشريحة التي تخترق الاجماع الإسلامي الذي يكاد ينعقد على المنع، بإعلان الشيخ الموريتاني محمد الحسن الددو انضمامه للمبيحين، وذلك في الحلقة التي بثتها أخيراً قناة «دليل» الفضائية. وعبر برنامج «البيان التالي» الذي يقدمه الزميل عبدالعزيز قاسم، حاول الأخير أن يغير ضيفه الددو رأيه في إباحة تمثيل الصحابة، لكنه بقي مصراً على إباحة تمثيل كل الصحابة بمن فيهم العشر المبشرين بالجنة وكذلك الأنبياء، بحجة عدم وجود دليل يحرم ذلك. لكن الددو استدرك ومنع تمثيل الأنبياء من باب الأدب لأنهم منزهون بخلاف الصحابة (غير منزهين)، في حين أباح الشيخان يوسف القرضاوي وسلمان العودة تمثيل الصحابة على خلفية مسلسل «الحسن والحسين» ما عدا العشرة المبشرين بالجنة. الددو ذكر أن الشيخ يوسف القرضاوي تراجع عن استثناء العشرة المبشرين بالجنة، لعدم وجود دليل يحرم ذلك، إذ الأصل في الأمور الإباحة. قاسم حاول أن يشاغب الضيف وأن يحرجه، بإقحام اسم الشيخين ابن باز والألباني وتحريمهما للتمثيل مطلقاً، لكن الددو احترم رأيهم واستدل على وجود أدلة في القرآن تبيح التمثيل كقصة نبي الله سليمان مع الجن حين دخلوا عليه، وقال أحدهم إن أخي له 99 نعجة.. الخ، مشيراً إلى أن هذه الحادثة تمثيل قصد منه، تعويد نبي الله على القضاء. قاسم أورد فتوى قديمة لهيئة كبار العلماء تحرم تمثيل الصحابة تعود إلى 1393ه بوجود الشيخ محمد الأمين الشنقيطي والشيخ محمد ابن ابراهيم وغيرهما، لكن الددو ذكر أن ذلك الزمن لم تكن المسلسلات والدراما فيه كما هي عليه اليوم من ناحية الانتشار، وأكد أنه لا يفتح الباب للتمثيل، إذ الباب مفتوح منذ زمن، ولكن يحاول تضييق الباب وضبطه. الددو اشترط لتمثيل الصحابة أموراً عدة، كضرورة التعليم، وإظهارهم بشكل إيجابي، ومنع التحريض الطائفي، والمسألة متوقفة على هدف التمثيل، كما منع تمثيل أمهات المؤمنين ومريم وآسيا عليهما السلام. مسلسل الحسن والحسين عرض نصه على الشيخين يوسف القرضاوي وسلمان العودة، وكان النص مراجعاً من هيئة شرعية مستقلة متخصصة وبعد ذلك أجيز. الشرعيون حاولوا الوقوف أمام رأي الددو، على افتراض أن الممثل لدور الحسن بن علي قد يقوم في مسلسل آخر بدور خادش للحياء. حاول الممانعون التفريق بين تمثيل الأعلى للأدنى والعكس، لكن الددو قال: «لا فرق بين الأمرين، كتمثيل جبريل لدحية الكلبي (تمثيل الأعلى للأدنى)، أما تمثيل الأدنى للأعلى كتمثل المسيح الدجال لصورة أحد الصحابة. وأضاف: «وكان جبريل يأتي بدور رجل مجهول كما في حديث الإيمان، فكان من وسائل التعليم، وتأتي الأسئلة متسلسلة، ولم يسأل جبريل عليه السلام عن الجزئيات، وإنما سأل عن أهم أمور الدين». وأكد الددو أن الضوابط في تمثيل الصحابة يمكن التزامها، وهي أمور ليست مستحيلة، وأشار إلى أن المجمع الفقهي 1405ه حرم التمثيل، لكن العلماء كمصطفى الزرقاء عارضوا حرمة التمثيل. وكان الزرقاء يبيح تمثيل بلال رضي الله عنه. مفيداً بأننا في العصر الحالي نستطيع التمثيل والتصوير من خلال الجوال. المنتج التلفزيوني لمسلسل «الحسن والحسين» محمد العنزي، أكد أن المسلسل ليس للإثارة، وإنما بهدف التركيز على سير الصحابة، وأشار إلى أن هناك سلبيات في مسلسل خالد بن الوليد وأخطاء. ونوه العنزي إلى أن مسلسل الحسن والحسين كانت به لجنة شرعية تراقب حتى اللبس، وكذلك تتأكد من صحة الأحاديث، مفيداً بأن هناك مشايخ موجودين في كل أوقات الإخراج. الدكتور فهد الجهني رأى أن الددو تجاوز الخطوط الحمراء والصفراء كما يقول حين لم يمنع تمثيل الصحابة من الكفار، باعتبار أن المهم مضمون التمثيل، وذكر الجهني أنه رأى تمثيليات تجسد دور الصحابة فيها أخطاء كثيرة. ولم يقتنع الجهني حين ذكر العنزي أن هناك طوائف عدة مثلت الصحابة في 13 مسلسلاً بآراء طوائفهم، بحجة أن الشرعيين ليسوا معنيين بترقيع الواقع.