في تقرير نشرته (إيلاف) للمرة الثانية خلال العام الحالي تدخل هيئة الأرصاد العامة السعودية دائرة الجدل مجدّدًا، نظرًا للمفاجآت الجوية على الرغم من اختلاف جغرافيتها، حيث كانت المحطة الأولى العاصمة الرياض بعد أن اكتسحتها عاصفة رملية "مفجعة" في بداية شهر مارس/آذار الماضي بشكل مفاجئ. لتصبح الهيئة محطة نقد لاذع على المستويين الإجتماعي والإعلامي. ويكتمن هذا النقد في تأخر تحذير الهيئة بهذه العاصفة التي تسببت في كثرة الحوادث وتعتيم الرؤية في وقت الذروة بالنسبة إلى التوقيت المحلي في الرياض. حيث حذرت الهيئة بهذه العاصفة قبل ساعتين تقريبًا من التحول الجوي المفاجئ من الصحو إلى غبار على مدينة الرياض. وفندت الهيئة هذا النقد بتأكيدات على إرسالها بتقارير لمديرية الدفاع المدني تحذرها من هبوب هذه العاصفة. الرياض: بعد تسعة أشهر تقريبًا من مضي الحلقة الأولى من "الجدل الأرصادي"، واصل هذا الجدل حلقته الثانية بعد تغير موقعه من الرياض إلى جدة، وتضمنت نقدًا واسعًا على المستوى المجتمعي ضد الهيئة التي لم تكثف تحذيراتها لهم، واكتفاؤها بتحذيرات عن أمطار غزيرةعلى منطقتي جدة والقصيم. المتحدث الرسمي بإسم الهيئة حسين القحطاني قال في اتصال هاتفي مع "إيلاف" إن الهيئة عملت بواجبها وحذرت في بيان لها نشرته وسائل إعلامية محلية عديدة، ليخلي بذلك تحمل هيئته المسؤولية في عمل احتياطات مجتمعة تجنبهم من وقوع كوارث جراء هذه الأمطار. غير أن هذه الأمطار تسببت في كوارث بشرية مادية بعد استمرار هطولها بغزارة لمدة تجاوزت سبع ساعات على مدينة جدة ما أدى إلى وفاة 98 شخصًا، وخسائر مادية تقدر بملايين الريالات. وعلى الرغم من مرور أربعة أيام من وقوع الكارثة لا تزال فرق الإنقاذ تباشر أعمالها لإنقاذ عدد من المحتجزين داخل مركباتهم وفي بعض المنازل القديمة بمواقع مختلفة، حيث تم إخراج العديد منهم وإنقاذهم خلال الساعات القليلة الماضية. وبلغ عدد العائلات التي تضررت منازلها وتم تخصيص مأوى لها ألف عائلة، وفق ما أعلنه الناطق الإعلامي للدفاع المدني في منطقة مكةالمكرمة النقيب عبدالله العمري. جدل واسع تشهده السعودية جراء هذه الحادثة، ولعل أبرزها يكمن في مدى فاعلية ومواكبة الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة للمتغيرات الجوية، وتحميل بعضهم لها بتحمل جزء من المسؤولية لعدم إطلاقها تحذيرات مبكرة للأمطار الغزيرة التي هطلت ساعات متواصلة على جدة. يذكر أن تحذير الهيئة جراء هذه الأمطار تضمن إصدار إدارة التحاليل والتوقعات في الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة "تحذيرات عاجلة إلى المديرية العامة للدفاع المدني تفيد بهطول أمطار غزيرة ورعدية على المناطق الساحلية من جنوب البحر الأحمر، وذلك من الساعة الواحدة ظهرًا إلى الساعة التاسعة من مساء الثلاثاء. وأرسلت الأرصاد تقريرًا إلى الجهات الحكومية والأمنية تفيد بقدوم عاصفة سادسة حيث تتأثر غدًا أجواء المنطقة الوسطى والشرقية من المملكة بعواصف ترابية ناتجة عن موجة هوائية باردة أثرت في معظم مناطق المملكة خلال اليوميين الماضيين. وأكدت الرئاسة في تقريرها الصادر أن سرعة الرياح النشطة المصحوبة بموجة باردة تصل سرعتها إلى 60 كيلومترًا في الساعة تؤدي إلى إثارة الأتربة والعواصف الترابية، ابتداء من مناطق شمال وغرب المملكة ومن ثم مناطق وسط المملكة وشرقها تباعًا وحتى بقية المناطق وذلك من مساء اليوم إلى يوم الثلاثاء المقبل". مصلحة الأرصاد كانت وحيدة في الرياض من حيث تحمل المسؤولية ومواجهة النقد الشعبي والإعلامي الحاد, ولكنها في جدة قد يخفف الضغط عنها ما يتداوله الناس هناك عن سوء إدارة في عمليات التصريف التي تعاني منها جدة طوال تاريخها, حيث لا يمكن أن يهطل المطر إلا وتصبح المدينة وحلاً, ومع زيادة منسوب المطر هذه المرة صار الوحل مدًّا إلتهم كل شيء بما فيها أرواح البشر. الغضب الشعبي في جدة وصل إلى بدء بعض المحامين في التحرك لمقاضاة جهات عديدة تسببت بزعمهم في تفاقم الكارثة, وقال المحامي والناشط في مجال الدفاع عن حقوق الانسان وليد ابو الخير ان عائلات ضحايا السيول تدعم مسعاه وانه يعتزم التنديد بعجز نظام الصرف الصحي في المدينة.. وقال ابو الخير في تصريح نقلته وكالة الأنباء الفرنسية ان مسؤولي امانة مدينة جدة "لم يقوموا باعمال الصرف الصحي على الرغم من أنَّهم يقولون منذ ثلاث سنوات او اكثر انهم فعلوا ذلك"، مؤكدًا أنَّ مسؤولين في امانة جدة نفسها "اقروا بوجود اخطاء".