أثناء دراستي في كلية الآداب بجامعة الملك سعود ، طالبني أستاذ علم اللهجات أن أتحدث مع زميلي الذي تجمعني به منطقة جازان ، فأنا من جنوبها وهو من شمالها ، وونتحاور بلهجتنا العامية وبعد حوار قصير ،قال الدكتور وبصوت عالٍ : أنتم تتحدثون اللغة العربية الفصحى !! تعجبت من نعته وبدأت أجمع المفردات اللغوية في منطقتنا وأبحث في قواميس اللغة في مكتبة الجامعة عن معانيها فوجدت غالبها فصيح ، وكنت حينها أظن أن الظواهر الصوتية واللهجية المتعددة في منطقتنا بعيدة عن فصيح العربية ، حتى أنني أحيانا أتحاشى النطق بأساليبها ليس تحرجا ؛بل لظني بغرابة معناها وتسهيلا لفهم السامع فأستبدلها بغيرها . كما بحثت في اللهجات العربية ووجدت أن ما يتحدث به أهالي منطقة جازان كمفردات أو لهجات فصيح بل إنهم حفظوا تلك الأساليب والظواهر الصوتية بنفس المعاني والألفاظ دون تغيير ، ومن تلك الظواهر اللهجية الفصيحة الموجود في منطقتنا .. "الطمطمانية" - قلب أل التعريف ميمًا - وهي ظاهرة صوتية لغوية قديمة منتشرة في أجزاء من اليمن وتهامة وعسير وجازان وهي إبدال "ال" " أم "؛ وتعود الطمطمانية ، إلى مملكة حمير القديمة. وقد شرفها رسولنا الكريم عليه السلام بحديثه بها في قوله : ( ليس من امبر امصيام في امسفر ) ومن كلام أبي هريرة رضي الله عنه قوله :" طاب امضرب وحل امقتال" ،ويتحدث بها غالب المنطقة وتغلب على جنوبها. *القُطعة" وهي اقتطاع الحرف الأخير وحذفه من الكلمة وتنسب لطئ ، فيقولون : يا محما بدلا من يا محمد ويتكلم بها القبائل في شمال المنطقة . *الشَنشَنة وهي إبدال الكاف شينا مطلقا ، فيقولون :أُمش بدلا من أُمك ويتكلم بها أهل المناطق الجبلية في شرق المنطقة ، ومن الظواهر الصوتية الفصيحة التفخيم والترقيق بين السين والصاد : فيقولون مدرصة بدلا من مدرسة ،ويتكلم بها بعض القبائل في أطراف المنطقة جنوبا ،يقول ابن جني : " فالناطق على قياس لغة من لغات العرب مصيبٌ غير مخطئ " ؛ فتحدثوا بلهجتكم ولا تستبدلوها بغيرها فأنتم تتحدثون اللغة العربية الفصحى ..