باتت الحاجة ملحة أكثر من أي وقت مضى لتقنين وتحديد المهر في عقد النكاح – ضمن البيانات المستوفاة لإجراء العقد. فما نلمسه من مغالاة في المهور من قبل أولياء أمور الفتيات والتعدي على حقوقهن في المهر وأخذه بسيف الحياء دون أن يكون لها نصيب منه- يعد اعتداءً صارخاً يتطلب إعادة النظر من الجهات ذات العلاقة في كيفية الحد من هذه الظاهرة التي انتشرت على نطاق واسع. وبالرغم من أن بعض القبائل في القرى كان لها قصب السبق في المبادرة بتحديد المهور، إلا أن ذلك يظل في نطاق محدود وحصراً على أفرادها.ما نلحظه من عزوف كثير من الشباب عن الزواج- فإن أحد أهم أسبابه هو المغالاة والمباهاة في المهور، في ظل ارتفاع المعيشة وقلة الإمكانات المادية على وجه التحديد للوفاء بمتطلبات الحياة الزوجية الكريمة، ما يعني زيادة نسبة العنوسة لدى الفتيات بشكل لافت للنظر.ومع أن المهر حق للزوجة – إلا أن مقداره لا يعنيها بالمقام الأول، فقد وضعت في قائمة أولوياتها مواصفات أخرى في شريك الحياة ليس من بينها المهر. ويظل تفكير بعض أولياء أمور الفتيات هو ما يناله من صداق ابنته – و كأنها سلعة تباع وتشترى دون أن يكون لها حق النقاش أو إبداء الرأي، وقد يتعسف بعضهم في الشروط وتكون العنوسة هي خاتمة المطاف لتلك الفتاة دون رغبة منها. و عليه فقد بات من الضروري في الوقت الحاضر وضع التشريعات والتنظيمات اللازمة لضبط المهر بالحد الأقصى دون الأدنى بالقدر الذي لا يضر بمصالح الطرفين ويترتب عليه فوائد عدة منها: تسهيل أمور الزواج على الشباب، والحد من استغلال بعض الآباء لمهور الفتيات للمصالح الخاصة ، ويسهل على طرفي النكاح التضحية بالمهر عند الفراق، إذ يمكن للزوج العفو بالمعروف، كما يمكن للفتاة خلع نفسها عند الاضطرار. إن تدخل وزارة العدل وهي الجهة المخولة بإجراء عقود النكاح بواسطة مأذونيها في هذه القضية يعد مطلباً مهماً من خلال إضافة البند المخصص للمهر وتحديد قيمته وإلزام المأذون الالتزام بنصه بين الطرفين كشرط لإجراء النكاح وكتابة العقد خدمة لطرفي النكاح ومنعاً للإسراف والمباهاة، فهل يمكن تقنين المهور ....نأمل ذلك. 1