مشهد العلاقات العربية العربية تخيم عليها حالة من الارتياح تسبب فيها البيان التوضيح الصادر عن الديوان الملكي وسلط الضوء على اتفاق الرياض التكميل الذي طوى مرحلة خلاف هي الاسوء في تاريخ المسيرة الخليجية , بل والعربية . وبشمولية التناول تجاوز البيان الملكي النطاق الخليجي إلى الفضاء العربي عبر استقطاب مصر( الحكومة والشعب ) إلى ساحة الصلح لتكون ظهيرا له وعونا على تكريسه, وهي دعوة لم تتباطء القاهرة في تلبيتها انطلاقا من المكانة التي يحظى بها الداعي خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز , ومن مكانة مصر التاريخية والاقليمية التي أهلتها لتكون بحق بيت العرب . وبعيدا عن الاجواء الايجابية التي صاحبت الاعلان عن طي صفحة الخلاف , فإن المراقب يلج إلى عمق الحدث وتفاصيله , حيث المحرك الحقيقي لعجلة المصالحة التي جاءت في ظرف سياسي دقيق , كما أشار إلى ذلك البيان الملكي , والذي يتمثل في تشكل تحالف استراتيجي خارج على نسق تحالفات المنطقة , والمقصود هنا التقارب الامريكي الايراني, حيث وصف الرئيس الامريكي ( باراك اوباما ) العلاقات بين بلاده وايران بأنها على مسارين مرحلي واستراتيجي , وهو تصريح يحمل في طياته الكثير من الدلالات السياسية . وعلى مسار التحالفات الاقليمية الجديدة التي تلوح في الافق فإن عين المراقب لا يمكن أن تخطئ تحركات انقرة في المنطقة والشمال الافريقي , فهي بدورها تسعى لقيام محور يضم العراقوايران في محاولة للبحث عن فضاء جديد بعد أن فضلت الوقوف إلى جانب الاخوان المسلمين على حساب علاقتها مع دول الخليج ومصر . ومن منطلق هذا التطور فإن مسألة رص الصفوف وسد الثغرات باتت القضية الاولى التي تتقازم امامها كل الخلافات العربية التي تلت ما يسمى بالربيع العربي المتسبب في اقصاء دولة كمصر عن ادوارها الاقليمية الامرالذي اوجد حالة يمكن وصفها بفراغ سياسي في المنطقة الذي قد نشغره التحالفات الجديدة . وقد جاء مردود المصالحة الخليجية العربية سريعا , فهاهي مصر تنفض عنها غبار المرحلة السابقة , لتعود إلى الساحة الاقليمية عبر بوابة الصراع العربي الاسرائيلي , حيث أكد رئيسها عبد الفتاح السيسي استعداد مصر في ارسال جنود مصريين لمساعدة دولة فلسطين على ضبط حدودها مع اسرائيل . وقد جعل الرئيس المصري من دور مصر التقليد في المنطقة منصة انطلاق لجولته الاوروبية والتي من شأنها أن تعيد مصر إلى الساحة الدولية بعد أن غابت عنها متأثرة بملابست تداعيات انتفاضتها . ولعل عودة مصر إلى الساحة الدولية يشكل ايضا جانبا آخر من جوانب المصالحة العربية التي اطلاقها خادم الحرمين الشريفين الذي هو اليوم عراب مرحلة دقيق من عمر المنطقة تحتاج إلى يقضة سياسية وتعاون من جميع الاطراف في المنظومة العربية , والخليجية خاصة المطالبة بتدعيم جودها عبر الانتقال إلى صيغة الاتحاد الذي من شأنه أن يوفرلدول المجلس آليات ضامنة لتماسكها السياسي , وأن يحدد ادوارها على الساحتين الاقليمي والدولية , ففي ظل الوضعية الراهنة نجد هناك من يغرد خارج السرب , المقصود هنا اليوم ليس قطر وإنا عمان المنشغلة عن حضور مشهد المصالحة الخليجية بالوساطات السرية على صعيد ملف ايران النووي .