[b] نحن شعب عاطفي لهذا و منذ القدم نُعرف بالبلاغة و الفصاحة و رواية الشعر .. و رغم ذلك يعاني بعضنا جفافا عاطفيا ، و قد يرى من الحكمة تجميد عاطفته في ثلاجة على أن يُظهرها للمحيطين به من محبيه ، فقد تجد الأبوين لا يمنحون أبناءهم نزرا من الحب و الحنان و الاحتواء ، يكتفون بتوفير متطلباتهم الحياتية من تعليم و سكن و توفير احتياجاتهم من مأكل و ملبس .. بحجة أنه لابد من الحزم و هذا في مصلحتهم حسب منظورهم و تنشئتهم الاجتماعية التي نشأوا عليها . وبحكم عملي في الميدان التربوي ، عندما أوجه سؤالاً للأمهات هل احتضنت ابنتك يوما ؟ .. و إسماعها كلمات حبٍ و ثناء..ينظرن بعضهن إليّٓ في دهشة ! .. و سؤال ؟ .. و هل تريدين مني أن أعانق ابنتي و هي في طولي أو أكثر ؟! غريب أمر أولئك النسوة !! .. و هذا يُدلل أن بعض الآباء كذلك . و هنا يكمن الخلل .. فالأبناء لا يحتاجون للأكل و الشرب و توفير الحاجيات فقط .. الأهم من ذلك توفير الحب و الحنان و الإكتفاء العاطفي حتى يتوالد الدفء و الأمان و الحب داخل أرجاء المنزل .. فإن لم يكن متوفراً سيبحثون عنه في مكان آخر بطرق عدة و عندها يكونوا لقمةً سائغة لضعاف النفوس فيستغلونهم أسوأ استغلال .. و قد سمعنا و رأينا حالات عديدة من من انحراف الشباب بالتعاطي و البويات و العلاقات المثلية والغير مشروعة و الانتماء لخلايا عدوانية أو ارهابية أو خلافه .و يتبع ذلك افتقاد لغة الحوار داخل جدران بيوت بعض الأسر فكيف نزرع الثقة في نفوس النشئ الجديد بدون التواصل العاطفي و الاحتواء الأسري و الحوار .. ألا نأخذ من موقف رسول الله محمد عليه الصلاة السلام يوم أتاه شاب و طلب منه أن يأذن له بالزنا و أقبل عليه القوم ليجزروه .. ماذا كان موقف سيد البشر محمد عليه السلام هنا ؟! .. لم يقم بتوبيخه و إهانته بل طلب منه أن يدنو إليه و هنا أشعره بالأمان و الاهتمام و أظهر له أنه يريد الحوار معه لإقناعه .. و لم ينهه عن الزنا و لم يحرمه له .. بل سأله بمنتهى الرُقي و الاحتواء الإنساني .. أتحبه لأمك ؟ فقال لا و الله جعلني الله فِداك .. فقال له و لا الناس يحبونه لأمهاتهم .. ثم كرر له السؤال من جانب آخر أتحبه لابنتك ؟ فقال لا و الله جعلني الله فِداك .. فقال له و لا الناس يحبونه لبناتهم ... الخ الموقف و الشاب يردد نفس الإجابه .. فجعله هنا هو يستنتج من أجوبته قبح هذا الفعل و تحريمه .. ثم وضع يده الكريمه عليه و دعا له و قال ( اللهم اغفر ذنبه و طهر قلبه و حصٍّن فرجه ) .. ما أروعه من موقف فقد احتوى الشاب بحب و بالعقل و المنطق و والحوار أنهى هذا الموقف .. عليه أفضل الصلاة والتسليم . علينا أن نحتوي شبابنا و فتياتنا و نشبعهم حباً و حناناً و عاطفة (و بدون إفراط ) حتى نصل لما نبغي إليه و لا ندفعهم للبحث عنه بطرقٍ قد تكون غير سويه [/B