حَضَر وفدُ مِن أهل ِالعراق ِلأداءِ فريضةِ الحجِ فنًزلوا وادياً يكثُر بهِ البعوضُ فتحرّجوا منْ قتلهِ حتّى لا يفسد حَجّهم ،فسألوا ابِن عمُر رضي الله عنه عن دم ِالبعوضِ فقال لهم : "أتقتلون الحسين بن علي وتسألون عن دم ِالبعوض: ؟؟. وتقولُ الرِوايات أن ّجلَّادي الإمِام احمد بنْ حنبلْ ، كانوا يسألونهُ عن الدم الذي ينضح ُمن جسدهِ فيقعُ على ثيابهمْ هل يُبطل صلاتَهِم ؟؟, وسألَ رجلٌ شيخاً إنّي زنيتُ وأصبحت المرْأةُ حاملا ًفقال َله ُالشيخُ : " لِمَ لَمْ تعزِل ؟ فقال : " ياشيخ بلغَني أنّ العزلَ مكروه " فقال له : "تعلم ْإنّ العزْلَ مكروه ، ولا تعلمْ أنّ الزِنا حرام" ْ! . وهذا هو مختصر المفهوم الديني والفقهي للحوثيين الذين يتظاهرون بخروجهم للمطالبة بحقوق المواطن اليمني وتحسين معيشته ورفْع الظُلم وتحقيق العدالةِ . وفي الحقيقة ِأنّهم يسْعون إلى حُكم سياسي متُفرد ومكاسبٍ شخصية وتنفيذْ أجندة خارجية لا تعترف بالمواطنِ اليمني .هم رمزية للجلادين ضد المواطن اليمني (ابن حنبل) الحوثيون حركة ٌسياسية تأسستْ عام 1992 على يد حسين الحوثي في صعدهَ والذي قتلته ُ القوات اليمنية في العام 2004 وقد ظهرتْ غالباً بسبب التهميش والتمييز من قبل حكومةِ الرئيس علي عبد الله صالح الذي لمْ يُعطهم مناصب َسياسية ، ولم تظهر لاعتبارات أو خلافات طائفية مع الحكومة فالحوثيون والحكومةُ اليمنيةُ برئاسة على عبد الله صالح كلاهما من إتباع المذهبْ الزيدي ولكن كان هناك استهداف متعمد للرموز الزيدية الحوثية من اجل إضعافها سياسيا والقضاء على كل أمل في استعادة ارث الإمامة في اليمن . فشلتْ الحكومة في القضاء عليهم رغم قِلّتهم لأسبابِ عِدّة أهمُها الإِبقاء على روح العداء والتوازن بين الحوثيين والسلفيين مما يضمن بقاء الحكومة .لقد كانت حكومة الرئيس علي عبد الله صالح هي من اذْكت الروح الطائفية في الصراع السياسي وقد نجَحَت في ذلك . فيما كان الرئيس السابق علي عبد الله صالح ، وأبرز قادة الجيش ، والأخ غير الشقيق ( علي محسن الأحمر ) بنهج سياسة فَرِّق تسُد مُستغليْن الجَهْل والفقْر والقبلية والطائفِية ؛فدعما الشيخ ْالسلفي "مِقبل الوادعي" لإقامة مدرسة الحديث في دماّج بمحافظة صعدة أحد أهم معاقل الحوثيين ، ولما قويت شوكة السلفيين وأصبح اليمن ملاذا للجهاديين والقاعدة ؛ قاما بدعم الحوثيين لإنشاء حزب الحق لإحياء المذهب الزيدي ، وقد لاقى هذا التوجه قبولا من شافعية اليمن ( الأشاعرة ) رغم تكَفير الزبدية لهم أثناء حُكم الإِمام ،ولكنّهم رأوا دعْم الّزبدية ضِد السّلفية التي لهم خلافات كبيرةٍ معها !! . وهنُا علينا أن نتذكر أنّ سقوط الإِمامة باليمن لم يكن لأِسباب طائفية؛ فأول من ثارَ على الإمام هو رجل زيدي يُدعى عبد الله الوزير !!.وخِلال فترة علي عبد الله صالح فإنّ جميع الثورات والجماعات كانت سياسية بصبغة طائفية مُزيفة ومفتعله مكنته من الحكم ثلاثون عاما حتى هبّت رياح الربيع العربي فأستّغلها الحوثيون أحسنَ اِستغلال وتخّلى الخليج وأمريكا عن الرئيس صالح وتركه الحليف الدائم (بنو الأحمر ) .. فأعتزل الرِئاسة ولكنّه ظل اللاعب الأول في الحياةِ السياسيةِ اليمنيةِ ولكن هذه المرة من خلال دعم الحوثيين واِحداث الفوضى . الداعم الأخر للحوثيين هيَ إيران ومرّة أُخرى فالعلِاقة هيَ المصْلحة السياسية وليست طائفية كما يعتقدُ البعض فالمذهب الزَيْدي والاثنا عشري بينهم نقاط خلاف كبيرة أسوة بذلك الخلاف الموجود بين الطوائف السنية، ومن الصعب قبول احدهما للأَخر ، وقد نتكلم مستقبلا عن الطوائف الشيعية ورُؤيتها السياسية . فرح الحوثيون بدعم إيران اللوجستي ، والذي أعطاهم هيبة وقوة، وواستبشرت إيران بوجود طرف يمني ينفذ أجندتها السياسية على ارض اليمن ، ؛ويهدد جيرانها وبأقلّ الخسائر. أمّا الدعم بالسلاح فغالبا ليس من إيران فالسلاح متوفر باليمن، ومعظم السلاح يصل إلى الحوثيين عن ريق صفقات يبرمخا ضباطٌ فاسدون ، وتجار السلاح ، بل ومن الدولة التي تم تنحيتها مع هبوب رياح الربيع العربي. الداعم الثالِث همْ الأمْريكان فرغم أن الحوثيين ينُادون بالموتِ لأمريكا إلا أنهم لم يهددوا المصالح الأمريكية يوما ولم تقم أمريكا يوما بتهديد الوجود الحُوثي بل ان مندوب الأُمم المتحدة كان داعما لهم حتى في استصدار قرار رئاسي بطرد السلفيين من دمّاج وأعادتِها لهم ، وبمقارنة الحوثيين بالقاعدة والسلفيين ، يظهر أنهم أكثر قربا لأمريكا واقل خطراً عليها ، بل ان أمريكا استطاعت اِقناع دولة قطر بضرورة دعمهم، وتسعى الى إقناع بقية حلفائها بذلك ، وهذا يفسر تقدم الحوثيين إلى العاصمة (صنعاء) بسلاسة . وربما يكون لهم دور في تركيبة السلطة السياسية بل والتأثير في اتخاذ القرارات السياسية مستقبلاً على غرار دور حزب " الله " السياسي لامتلاكه قوة عسكرية جعلته اللاعب الأبرز في توجيه القرار السياسي اللبناني ، وكلاهما صناعة ايرانية فيما يفوق الحوثيون حزب الله بتغطية أميركية بحسبان أن تستفيد من زخمهم العسكري بمقارعة القاعدة الخصم اللدود لأمريكا ومصالحها بالمنطقة ؛ وتظلْ الرُؤية المستقبلية لليمن من قِبل أمريكا والحلفاء هي ديمقراطية كتلك الموجودة بالعراق والإِبقاء على الصراعِ الطّائفي بينَ الطّرفين وإشْغالهم بِبعضهم البعضْ وتقسيم اليمن إلىأقاليمَ متناحرة ، وسيظّل اليمن يبحث عن (السعادة ) التي هي لهُ مثل الغول والعنقاء والخِل الوفي . 1