يقول صلّى الله عليه وسلم ( نحن ُأحق ُبالشكِ مِن إبراهيم ) متفقُ عليه .عندما خَطَب احد شيوخَنا الأفاضل في ارض الكنانة بعد قيام دولة الإخوان قال من ضمن خُطبته (أقسم بالله أنَّ الخلافةَ الإسلامية َقادمة لا محالة وكأني أرى بوادِرها الآن ) ولعل هذه التأكيد يذكرنا بحادثه سراقة بن مالك مع النبي الأعظم الذي خاطب سراقة قائلاً ( كيف إذا لبست سواريّ كسرى ومنطقته وتاجه فقال سراقة : كِسرى بن هرمز ؟؟ فقال النبي نعم !!... وتمر الأيام سراعا ليلبس سراقة سواري كسرى وتاجه وتتحقق نبوءة سيد المرسلين .. لقد كانت نبؤه المصطفى وعدا من الله أنجزه لنبيه ولكن ماذا عن نبوءة شيخنا الفاضل وما لذي جعله يحلف أغلظ الإيمان لتكوننَ خلافة ًإسلامية ؟؟. يرى الإخوان أن الحكم السياسي هو (شرع منزل ) بضوابط وأسس نزلت على النبي صلى الله عليه وسلم ويضع الدكتور حاكم المطيري في كتابة الحرية أو الطوفان هذه الضوابط على النحو التالي( لا دين بلا دولة ولا دولة بلا إمام ولا إمامة دون بيعة ولا بيعة إلا برضا الأمة واختيارها ولا رضا إلا بشورى ولا شورى إلا بحرية ولا حرية إلا بعدل ومساواة وحماية للحقوق) , ثم يتطرق إلى قيود الطاعة المطلقة للحاكم وهي( إقامة الصلاة والحكم بالكتاب وعدم ظهور كفر بواح ) ,وفي نفس الكتاب تلميح ان جميع الأنظمة في الوطن الإسلامي حكومات كافرة لأنها تحكم بنظام سياسي مؤول ومبدل تصادر فيه حق الأمّة في اختيار الإمام مع غياب لدور الامّة في الرقابة على بيت المال. والطوفان في الكِتاب المذكور هو معنى مجازي لطوفان نوح الذي اخذ كل شي إلّا سفينة النجاة ويظل الفرق إن طوفان قوم نوح كان نوح موجودا لإنقاذ الإنسان والحيوان أما طوفان الإخوان القادم فلن يكن هناك نوح لإنقاذ احد من المخالفين (حسب زعمهم ) ويرون بوادر هذا الطوفان بمصر وليبيا وتونس والشام !! نعود لضوابط الخلافة الإسلامية عند الإخوان والتي ذكرها الدكتور المطيري وهي ضوابط جميلة وراقية ولكن تظل هناك مشكلتان : الأولى هل هذه الضوابط قابلة للتطبيق الفعلي بمعنى هل هناك وجود للحكومة الفاضلة(التي يحكمها الفلاسفة ) واللتي كتب عنها افلاطون . والإشكالية الأخرى إن التاريخ الإسلامي الذي يستشهد به لم يطبق هذه الضوابط في معظم فتراته التاريخية فهاهو الخليفة أبو بكر الصديق في سقيفة بني ساعده يقول للأنصار ما عرفت العرب هذا الأمر إلا لقريش وجعل الخلافة حصرا في قريش دون عامة المسلمين ورغم أن حجته رضي الله عنه أن العرب لن تعترف إلا بخليفة قرشي إلا إن هذا لم يمنع العديد من القبائل من الارتداد والخروج عن طاعته, ويقول ابن عباس عن بيعة ابي بكر هي فلتة وقى الله المسلمين شرها , كذلك اختيار أبو بكر الصديق لعمر بن الخطاب رضي الله عنهما كخليفة دون إجماع وشورى من عامة الناس لأنه رأي فيه كمال الخلافة لحفظ حقوق المسلمين .. وحتى حادثة الشورى فالصحابة الذين وضعهم عمر بن الخطاب لاختيار خليفة جعل معهم عبد الله بن عمر وأمره بضرب عنق من يخالف رأيهم بمعنى أن المخالف عليه أن يقر برأي الآخرين , ثم خرج خلق كثير على الخليفة عثمان وطالبوه بالتنحي فرفض الاستجابة لمطالبهم وخاف أن تكون عادة فيخلع المسلمون كل يوم إماما , ثم جاء علي ابن طالب وقال مقولته الشهيرة (إن بيعتي لا تكون إلا عن رضا المسلمين ) ومع ذلك تمت المبايعة له مع اعتراض أهل الشام وبعض أهل العراق .وعليه فالشواهد هنا تتعارض مع مبدأ الإجماع على اختيار الإمام وهذا ربما يقوض حجة الضوابط الاخوانية. وللحديث عن موضوع الملك والخلافة فكلاهما مذكور في كتاب الله , يقول تعالى مخاطبا اليهود ( وقال لهم نبيهم إن الله بعث لكم طالوت ملكا ) فقد أعطى الله تعالى الملك لطالوت على الرغم من وجود نبي و على رغم( إجماعهم) أن هناك من هو خير منه بين ظهرانيهم.( قالوا أنى يكون له الملك علينا ونحن أحق بالملك منه ). ولم ينهى الله سبحانه وتعالى نبيه يوسف من العمل عند ملك غير مؤمن (قال اجعلني على خزائن الأرض أني حفيظ عليم) , ويقول تعالى مخاطبا الملائكة الذين تخوفوا من جعل ادم خليفة في الأرض قياسا بتجارب سابقة لازالت في ذاكرتهم ( أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ). ثم يقول تعالى واضعا قاعدة شرعية لموضوع الخلافة في الأرض ( تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء) . ويقول تعالى مخاطبا نبيه إبراهيم عندما طلب أن تكون الخلافة والإمامة في ذريته بقوله (لا ينال عهدي الظالمين ), كما أن الله سبحانه وتعالى لم يحرم توريث الملك فهاهو سليمان يورث داوود (وورث سليمان داوود), فقضية الملك والخلافة في الأرض هي بيد الله سبحانه وتعالى وليس لنا أن نعطيها لفئة دون أخرى أو نجعلها لجماعة بعينها . و لو كانت الخلافة والإمامة بفضل الدين والورع والتقوى والسبق للإسلام وأتباع المصطفى لما ساقها الله سبحانه وتعالى إلى معاوية وولده يزيد ولم ينلها اوائل الصحابة .