دعاني ما رأيت في مرافقنا ومنشآتنا الصحية من اهتمام غير مبرر وملفت ببعض الشركات المنتجة لحليب الاطفال الرضع الصناعي.. الى التساؤل والتعجب والدهشة في آن واحد! لقد شاهدت نوعا من الحفاوة والتبجيل لتلك المرضعات في داخل اقسام وحجر مرافقنا الصحية لا يكون الا من ابن صالح (بار) بام عظيمة حملته وارضعته وسهرت عليه وربته وتعبت على تعليمه حتى وفقه الله واصبح مديرا لمرفق صحي او مسؤولا في الصحة عامة في اي موقع كان ،و لم ار دلالا كهذا الدلال، وبهذا التفاقم والانتشار، وليس سرا.. بل علانية..! كنت في السابق اسمع عن هذا الدلال ولا اراه الا ما ندر وكنا نرى منشورات الدعاية للحليب الصناعي في ايدي الامهات المراجعات لمراكزنا الصحية عند خروجهن ومغادرة المراكز..ولم نُرِد ان نحكم على مرافقنا بالخيانة ولا نتهمها بالترويج لمنتجات تلك (المرضعات) الصناعية داخلها ،اونجزم بامر ما والحال خلاف ذلك.. فاعتقدت أنني على صواب ، وعلى مدى سنوات طوال، وكنت في داخلي اتردد عن محاولة التحري كي لا اصدم بفاجعة ، ولم اكن اعلم ان الاقدار ستسوقني لاكتشف تفاصيل المؤامرة! فما كنت أعدّ نفسي كي اقف على حقيقة الخيانة التي أصبحت مشهدا مألوفا بل ومهمة اساسية لبعض العاملين الصحيين في تلك المراكز والمرافق الصحية . بل اصبحت الاولوية للترويج ا لحليب الصناعي وانه الاهم للطفل من حليب امه الطبيعي!، وحتى اهم من جرعة التحصين التي حاءت من أجلها الام وطفلها للمركز ! وفي الموعد المحدد لتلك الجرعات! ولم اكن اعلم ان الام قد تخرج بطفلها من المركز دون ان يأخذ الجرعة ولكني علمت انها لا تخرج الا وقد اعطيت منشورا بنوع الحليب الصناعي المناسب لمرحله طفلها العمرية مع تحديد المنتج ورقمه باللون الاحمر. الذي يحدد للام وطفلها داخل المركز بل داخل مقر التحصينات من قبل مندوبة الترويج وامام ممرضة المركز..! تمنيت ان ذلك لم يحدث معي انا ولم اقف على الحال بنفسي ولم اعايش تلك التفاصيل المخزية بكل ما تعنيه هذه الكلمة! ولكن ماذا افعل ان كان قدري ان اخوض التجربة وان اتحمل هذا العبء عن مجتمع كامل عجز دهرا عن البوح... ؟! وتتضاعف في حقي المسؤولية لاني اعلم مسبقا ان هذه ممارسات مخالفة للانظمة ولا تجوز بل هي ممنوعة بناءا على اوامر سامية كريمة! وهذا ما اوصل الامر في نظري الى مصاف الخيانة الوطنية!و من المؤلم والمؤسف ان يتجرأ مسؤلون على المتاجرة في الامانة والقيم الانسانية، ويال الخزي وياله من عار حين يستخف مسؤلون مؤتمنون على ثغور المسؤولية بالمبادئ الوطنية . ولم يدر بخلدي يوما ان تنحدر الاخلاق لدى بعض المتاجرين بالذمم الى سحيق الخيانة الوطنية! ولم يخطر ببال احدنا ان نرى المتاجرة بحيااة اطفالنا الرضع بتسهيلات عليا عبر مراكز الرعاية الصحية او المستشفيات! وكيف يتم تامين دخول مندوبات شركات الحليب والترويج العلني لبدائل حليب الام.؟!وانتحال المندوبات لشخصيات طبيبات او اخصائيات تغذية ومن ثم يروجن للخيانة بالزيف والدجل والخداع و يقنعن الامهات في كل زيارة بصنف للحليب جديد!.. و على عينك يا تاجر..!والكل يشتري والمسؤول يتفرج! ويبقى السؤال الذي يؤرقني : ماهو الدافع القوي الذي يبرر هذه التسهيلات الخارقة للنظام ولاخلاقيات المهنة ولأوامر سامية ويغيب المشاعر الانسانية والوطنية؟! وماهو المقابل الذي يجعل المسؤول يقتحم غمار الخيانة و المجازفة هكذا؟!ولا تزال التساؤلات حائرة ولن ينتهي الحديث عند هذا الحد. فلا زال في داخلي ما يستحق البوح والصراخ! ويستحق من كل مسؤول ان يصغي اليه بامانة ولربما يحتم على وزير الصحة المكلف ان يسمعه وباهتمام ؛ وسأبقى أرى أن مثل هذه الممارسات خيانة وطنية.. ولن اسميها برا بامهات المتاجرين في الرضاعة الا اذا رأيتهم كل صباح وهم يقبلون رؤوس العلب!.. " وللحديث بقية " 1