انتهت الرحلة الماليزية 370 في المحيط الهندي بعيداً عن مسارها ومقصدها وبرنامج ركابها. ملحمة من القلق والأمل والمخاوف شارك فيها العالم اجمع، وغطّى رجال الإنقاذ مساحة تزيد على مليونيّ ميل مربع. تابعتُ أخبار الطائرة المفقودة بتلهُّف الإنسان وفضول الصحافي. فوجئت بكميّة المقالات والافكار التي نشرها الخبراء والمستشارون والاختصاصيون! معظمها كان هراء وترهات. أسوأها كان مطالعة ل «خبير» عنوانها: كفّوا عن الهراء، أما هو فلم يَكفّ. الآلة وحدها كانت دقيقة وعلمية. وعندما توقف «الترانسيوندر» في المحركات عن إبلاغ الأرض بأحوال الطائرة، ضاع البشر في التكهُّن. وزاد في محنة الغموض محنة الحكومة الماليزية، التي لم تكن تعرف ما يكفي، ولا تستطيع أن تكشف ما تعرف. فأي كلمة تعطي أملاً زائفاً أو تخطف أملاً محتملاً. لم تكن سمعتها، كصاحبة الشركة فقط، على المحك، وإنما أيضاً كدولة آمنة ومتقدمة. لماذا تعطى كوارث الجو أهمية أكبر من سواها؟ لأنها قليلة والحمد لله. ولست اشك لحظة أن مسؤولي الطيران الماليزي كانوا يفكِّرون طوال الوقت، في ما آلت إليه مصائر الشركات الكبرى التي تعرَّضت لكوارث متعمِّدة. إثنتان كان بطلهما الأخ معمر: الشركة الفرنسية «يوتا» وال»بان أميركان» فوق لوكربي. والثالثة كانت «في دبليو اي». بدأت عمليات خطف الطائرات في الستينات نحو كوبا، ثم تحولت إلى احتكار عربي. خطفت «الجبهة الشعبية» ثلاث طائرات إلى الأردن لكنها أفرجت عن ركابها جميعاً، لكن رجال الشيخ المجاهد أسامة بن لادن، مضوا في الخطف إلى ابعد مما يتصوره عقل أو قلب: خطفوا الطائرات المدنية وركابها وملاحيها ليفجروا بها نحو أربعة آلاف إنسان وصلوا إلى مكاتبهم للبدء في يوم عادي. ردت أميركا بطريقة «لا سابقة لها»، رئيسها يشرف مباشرة من البيت الأبيض على عملية الانتقام في باكستان. يروى أن روزفلت، من قبل، كان قد أعطى امراَ شخصياً باغتيال قائد البحرية اليابانية ياماموتو في الحرب العالمية الثانية. قلت إن معظم النظريات كانت مضحكة، كما تبين بعد التأكد من النهاية المحزنة. لكن القليل منها هو الذي أرشد إلى مكان الحطام. أيضاً لأن آلات التتبع البريطانية لاحقت الطائرة المنكوبة من خلال اشارة واحدة. هذه نهاية الطائرة لكنها بداية قصة طويلة لن يعرف أحد حقيقتها ما لم يعثر على سجل الاسرار المعروف بالصندوق الأسود. منقول من الشرق الأوسط