ظننت في يوم ما أن الجميع يحملُ عاطفةً جياشةً تجاه أطفال التوحد في طياتها الرحمة والشفقة والحب ، كنت أحسب أن البشر كلهم كالجسد الواحد إذا أشتكى منه عضوٌ تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى ، كنت أظن أن المسؤول لن يتوانا أبداً في خدمة أبناء هذا الوطن ولو بلغت به الصعاب مبلغ العجز ، كنت أظن أن وحش المساء قد ولى وأن خيوط الفجر قادمة لتحيي أفئدة ظمأى ، كنت أظن وقد خاب اليوم ظني حين شاهدت بأم عيني برودة ( المسؤول) القاتلة وهروبه من المسؤولية وعدم إبدائه التعاون و الاهتمام بتلك القضية، رأيته مبتسماً -فراعني ما رأيت - ابتسامة مصطنعة ليدير ظهره بعد حين, ويؤتيك بوقاحة الخادم الخائن لسيده، وتبرير امتناعه عن خدمة أطفال التوحد بمسمى (النظام ), وكأن النظام هو الحكم والمحكوم, وكأنه اللص والقاضي, وكأنه السيّاف والجاني، وكأن حسن الخلق يخلقه النظام, وكأن واجب المساعدة يمنعه النظام , وكأن الابتسامة الصادقة ترتسم لو أراد النظام,وكأن الجبن من أساسات هذا النظام , وكأن اﻹهمال فرض كفاية قد أوجده النظام . عذراً ، هذا واقع المسؤول ضد (نظام وجد لمساعدة المواطن) ، عذراً هذا تعامل المسؤول تجاه كل ما يتعلق بأطفال التوحد في المنطقة الجنوبية ،عذراً هذه الصورة الحية التي واجهتها وعاينتها بنفسي في دائرة حكومية وفي أحد مكاتب إدارة التعليم بمنطقة جازان ، عندما ذهبت إليه رافقني اﻷمل فلما خرجت من عنده اصطحبت معي اﻷسى والحزن، من جهل عارم, وإهمال ظالم, ونظام أمسى بين عشية وضحاها كالوحش الكاسر ضد فئة غالية من أبناء هذا الوطن الحالم . أخي القارئ أختي القارئة : أنا لا أطالب بحق وحسب وإنما أطالب بحقوق همشها اﻹهمال , وأعيب تعامل المسؤول المحبط لجميع اﻵمال، وتعديه المجحف في حق (النظام) ببذيء الكلمات ، وأقبح المسميات وإن ما يمنع المسؤول من تلبية رغبات اﻵخرين وتلبية حقوقهم هو صلابة النظام , لذا بتنا نكره هذا النظام رغم براءته.أيها النظام إن كان صادقاً في مقاله ذاكفلم هذا اﻹجحاف في حق المرضى والمساكين والضعفاء؟! أيها النظام ، مالي لا أراك إلا مرناً مع المسؤولين والتجار اﻷقوياء؟!أيها النظام، إن كان ما يقوله كذباً فلماذا مازال يتبلّى على نبلك باﻷكاذيب وعلى رحمتك بالقسوة والظلم ؟! حقيقة: ((ضاع اﻷمل المنشود بعد أن شيّدوا أمام أطفالنا -أطفال التوحد- الحواجز والسدود بأعذارهم الواهية)) ,ولكن رغم كل ما نلقاه من قسوة ومن تعد فاضح ، سنستمر ولن نبقى أسارى لهؤلاء , ﻷننا نعلم بأن الغد قادم بوجود بعض النساء اﻷوفياء , وبعض الرجال الرحماء وإن قلّوا سنجد للأمل مكاناً في سقف السماء, وسنظل نرتقب شعاع الفجر فلعلّ مقدمه قريب!! ومضة: هل سيستمر الحال أم سنلقى حياة يعيش بها الطفل التوحدي مثله مثل غيره في بلدان العالم اﻷخرى.