يقول الأستاذ / راشد بن محمد آل عساكر :"يتفق المؤرخون أن لبلاد جازان تراثاً كبيراً وحافلاً عبر قرون طويلة. خرجت هذه المنطقة أعلاماً يشار لهم بالبنان ما بين عالم وفقيه ومؤرخ وأديب وشاعر, استمر عطاؤهم ولا زال بحمد الله متواصلاً دفاقاً ". يشعر المتأمل بتراث هذه المنطقة والواقف عليه أن هناك الكثير مما وجد ,كما أن هناك الكثير مما فقد أيضاً وبظروف متعددة ومختلفة. ويأتي دور الباحثين اليوم من هذه المنطقة العزيزة ليكشفوا كنوزاً وليحققوا تراثاً ما زالت بوادرها سائدة ونشاطهم مستمراً بالعطاء والإنتاجية فهنيئاً لنا بأمثال هؤلاء وأعانهم الله على مسؤولياتهم وحرصهم ودأبهم في إخراج كنوز هذه المنطقة وهي جهود فردية تستحق معها المساعدة والتقدير والاحترام والرعاية" نعم .. فمنطقة جازان سواء بجغرافيتها الحالية او ماعرف قديما " بالمخلاف السليماني " وبموقعها المتميز الذي اهلها لمكانة علمية وثقافية مرموقة ودور فعال وبيئة علمية ولادة فهي همزة الوصل بين الحجاز شمالا واليمن جنوبا بكل ما تمثله وتعنيه تلك الجبهتين من مكانة دينية وعلمية وثقافية وفكرية وأدبية وتاريخية كبيرة في الجزيرة العربية بكل دولها وأقطارها وجحافل اممها .. فالإحصائيات تشير الى كنز عظيم من الكتب و المخطوطات سواء المقتنية كمراجع او المؤلفة كنتاج , والى المئات ان لم يكونوا ألوفا من العلماء الذين انجبتهم هذه الناحية من الجزيرة وعبر القرون المتعاقبة منذ هجرة المصطفى عليه افضل الصلاة والسلام الى يومنا هذا وقد وردت تلك الاحصاءات في كتب عاكش الضمدي والسيد محمد بن حيدر النعمي و احمد الاسدي ومحمد النمازي وغيرهم من ائمة العلم وسادة الفكر والقلم في مخلاف تهامة . وبه اضحى المخلاف مؤلا خصبا لكل باحث عن الحقيقة العلمية ايا كانت وجهته سواء دينية او علمية او تاريخية او ادبية فلاغنى له عن جازان وهذا الكم الكبير من الارث العلمي ولا مناص عنها , فلا يكاد بيت من بيوتها إلا وفيه خزانة حوت ما حوت من كنوز العلم و امهات الكتب والمخطوطات والرسائل والبحوث والوثائق ولاسيما بيوت الاسر الشهيرة بالعلم والريادة فيها فتوارثوها جيلا بعد جيل حتى اصبحت من المكانة فخرهم واعتزازهم وأولوها من الحماية والحفاظ والغيرة عليها اكثر مما للعذراء عند ابيها وذويها !! لهذا ولأسباب عديدة يعرفها كل باحث مر بتجربة البحث ومحاولة الوصول الى تلك المراجع يعلم انه من الصعوبة بمكان ان يحصل او حتى يصل الى ما يريد ؟؟!! وهنا تكمن المشكلة ويتوجب اعادة النظر وتدبر الامر لعدة اسباب : - تفرق تلك المراجع والمؤلفات والمخطوطات والوثائق وتناثرها والطوق الصارم من الحصار والتكتم بحجة الملكية الخاصة مما يعني صعوبة الوصول اليها الا فيما ندر ولكل اسرة اسبابها ومبرراته والتي تتناقض والمصلحة العامة و العلمية وكونها علوم ومعارف يجب ان ترى النور. - ضياع تلك الكنوز فناءها مع مرور الاجيال وانصراف الابناء و الاحفاد عن الاهتمام بها اما لانشغالهم عنه او لعدم وعيهم وإدراكهم وتقديرهم لقيمتها العلمية والتاريخية ووجوب ابرازها والتعريف بها والتمكين منها . - تقادم العهد والتأثير السلبي لعاملي الزمن والمناخ على المادة فمالم تكن تلك المخطوطات والوثائق محفوظة بطرق صحيحة وفي حيز مهيأ وفق اسس علمية سليمة كذلك علوم عن طبيعة مناخ المنطقة وحرارة المرتفعة طول العام تقريبا اضافة الى ارتفاع نسبة الرطوبة وبالتالي مهما حاولوا المحافظة عليها فان مصيرها التلف .. - عدم وجود جهات او افراد متخصصين في مجال اصلاح ومعالجة تلف الورقيات ولاسيما المخطوطات والوثائق على الاقل في المحيط القريب . - عدم وجود مبادرة من جهة حكومية او اهلية حتى الان لتتبنى مشروع جمع وتصنيف وتوثيق وحماية وحفظ تلك الكنوز وتنشئ مركزا خاصا ومتخصصا في هذا المجال ولهذا الغرض يقوم عليه كادر ومؤهل ومزود بكل الوسائل و الامكانات فمن شان ذلك تسهيل الوصول الى تلك المقتنيات الهامة وبعد وبناء على كل ماسبق ارى ان جامعة جازان بصفتها المؤسسة العلمية والاكادمية الاولى في المنطقة و المنوطة بهذا ومن خلال الدور الايجابي والمؤثر في المنطقة والمكانة المرموقة والتقدم الوضح في مسيرتها وفي فترة زمنية وجيزة قياسا بتاريخ انشائها وما حققها القائمون عليها وجسدته مخرجاتها .. ومن هنا وعبر جازان نيوز باسمي وباسم كل غيور محب لوطنه وأمته وتراث منطقته ومؤمن بأهمية اخراح كنوزها والحفاظ عليهاوتسهيل الوصول اليها اتوجه بنداء عاجل ودعوة صريحة الى معالي مدير جامعة جازان ومن معه من الرجال المخلصين الى تبني مشروع انشاء مركز خاص ومتخصص في هذا المجال ولهذا الغرض يقوم عليه كادر ومؤهل ومزود بكل الوسائل و الامكانات يتولى جمع هذه المخطوطات فمن شان ذلك حماية هذا الارث الثمين وحفظه تسهيل الوصول الى تلك المقتنيات الهامة .. ولا اظنهم بحاجة الى شرح الية ذلك .. هذا والله من وراء القصد . 1