[B ]تعتبر قضية شياطين الشعراء من القضايا التي حفلت بها كتب الأدب والتراث ,حتى أن بعض الشعراء سموا شياطينهم أو سماها لهم الرواة ,ويقال أن الجن قبائل متعددة منهم بنو الشيصبان الذين ورد ذكرهم في قول حسان [/b]: ولي صاحبُ من بني الشيصبان = فطوراً أقول وطوراً هُوَه فمن خلال البيت السابق يتضح أن الشاعر يؤمن بقضية شياطين الشعراء وصاحبه من بني الشيصبان . وهذا الفرزدق يقول: إن للشعر شياطين, يدعى أحدهما الهوبر والآخر الهوجل, فمن انفرد به الهوبر جاد شعره وصح كلامه ,ومن انفرد به الهوجل فسد شعره . وقد تباينت أراء الباحثين والنقاد لهذه القضية فالبعض يقر بها, والبعض الآخر يقول أنها من نسج الخرافات والأساطير . وفي هذا الصدد للشاعر السعودي المعاصر إبراهيم الزيلعي من شعراء المنطقة الجنوبية رؤية وفلسفة خاصة حول هذه الظاهرة ,حيث ينتقد هذه القضية التي راجت ردحاً من الزمن بين الشعراء والأدباء ,ويقول أن الإنسان أقدر وأذكى من خلال المواهب العقلية والفكرية وملكة البيان التي من خلالها يعبر الشاعر, وهذه الموهبة الشعرية ليست بفضل القرين فالإنسان العربي تميز ببلاغته وفصاحته وبيانه وإذا نسبنا المقدرة والموهبة الشعرية إلى الجن والقرين فإننا نلغي قيمة الإنسان العقلية يقول شعري كحُسنكِ مثل الكونِ متُسعاَ= يكلُّ في الوصفِ عنهُ عاتي الجاني لا خفة الجن توحيه ولا نزغُ = ولا المراءُ ولكن نوح فناني من خلال البيت السابق يقول الشاعر أن شعري جاء على قدر الجمال والحسن الذي ترجمته الخلجات النفسية ,وليس للقرين أي دخل من خلال الإلهام أو الإيحاء بل لا يستطيع أن يأتي بحسن الوصف الذي أنفرد به الشاعر من خلال قدراته البيانية وموهبته الشعرية . الجدير ذكره أن الشاعر إبراهيم الزيلعي من أبناء منطقة جازان وهو مقيم في المنطقة الشمالية بمدينة عرعر منذ ثلاث سنوات يعمل في تعليم الشمالية معلماً, وهو امتداد للمدرسة الشعرية الجنوبية الجيزانية والتي من روادها الشاعر الكبير السنوسي ,والتي تميزت بالإحساس المرهف والألفاظ العذبة ذات الإيقاعات الموسيقية. من روائع إبراهيم الزيلعي يقول : يا عذبةَ الروح لا تُصغِي للشنآنِ = ولا يُريبكِ من يسعى لنقصانِ إلى أن يقول: خلِ العواذِلَ تسعى في سفاهتِها= إن كان مِثلُكِ أهواهُ ويهواني إذا المحبةُ فيما بيننا صدقت= فليس ترجِفُ للواشين أُذناني 1