على مدار التاريخ تعاني المجتمعات من أزمة في القيادات الفاعلة التي تتحمل أعباء الحياة والتي تقود المجتمعات نحو الأفضل في شتى الميادين الحياتية تربوية وتعليمية وفكرية واجتماعية واقتصادية وسياسية ولذا جاء في الحديث الصحيح عَنْ عبدِ الله بْن عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قالَ: قالَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (( إنَّمَا النَّاسُ كَالإبْلِ الْمِائَة، لاَ تَكَادُ تَجِدُ فِيهَا رَاحِلَةً)(متفقٌ عليه فقد لمس عليه الصلاة والسلام هذه الأزمة مع وجوده وسط مجتمع تربى على يديه وفيهم كبار الصحابة رضوان الله عليهم وكبار القادة الذين فتحوا الدنيا شرقا وغربا واعز الله بهم الإسلام وأهله ومع ذلك فقد كان يشعر عليه الصلاة والسلام بالحاجة الماسة للمزيد من القادة الرواحل من الرجال الذين يعتمد عليهم في الأزمات ويحملون راية التوجيه والإصلاح والبناء والنهوض بالمجتمعات كان بحاجة إلى صفوف متلاحقة من القادة قال الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي في شرح هذا الحديث في كتابه بهجة قلوب الأبرار : هذا الحديث مشتملٌ على خبرٍ صادقٍ، وإرشادٍ نافعٍ: أمَّا الخبر: فإنَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أخبرَ، أنَّ النَّقص شاملٌ لأكثر النَّاس، وأنَّ الكامل أوْ مُقارب الكمال فيهم قليل، كالإبل المائة، تستكثرها. فإذا أردتَ مِنْها راحلةً تصلح للحمل والركوب، والذَّهاب والإياب، لم تكد تجدها، وهكذا النَّاس كثير. فإذا أردتَ أنْ تنتخب منهم مَنْ يصلح للتَّعليم، أو الفتوى، أو الإمامة، أو الولايات الكبار، أو الصِّغار، أو للوظائف المهمَّة، لم تكد تجد مَنْ يقوم بتلكَ الوظيفة قيامًا صالحًا. وهذا هُوَ الواقع؛ فإنَّ الإنسان ظلومٌ جهولٌ، والظُّلم والجهل سببٌ للنَّقائص، وهي مانعةٌ مِنَ الكمال والتَّكميل. وأمَّا الإرشاد: فإنَّ مضمون هذا الخبر، إرشادٌ منه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى أنَّهُ ينبغي لمجموع الأُمَّة، أنْ يسعوا، ويجتهدوا في تأهيل الرِّجال الَّذين يصلحون للقيام بالمهمَّات، والأمور الكليَّة العامَّة النَّفع 0 وقد قال أمير المؤمنين عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – يوماً لأصحابه :تَمَنُّوا !فقال رجل: " أتمنى لو أن هذه الدار مملوءة ذهباً أنفقه في سبيل الله عزوجل"فقال :تَمَنُّوا !فقال رجل : " أتمنى لو أنها مملوءة لؤلؤاً وزبرجداً وجوهراً أنفقه في سبيل الله –عز وجل-، وأتصدق به ثم قال :تَمَنُّوا !قالوا : "ما ندري ما نقول يا أمير المؤمنين؟"قال عمر: "لكني أتمنى لو أن هذه الدار مملوءة رجالاً مثل أبي عبيدة بن الجراح" فقال رجل : "ما آلوت الإسلام - أي ما قصرت في النصح للدين"قال عمر: "ذلك الذي أردت" انه التطلع للقيادات القيادات التي تؤثر في الناس وتجيد التعامل معهم الذين يقودون الناس بالأخلاق والمبادئ فما أحوجنا للرواحل من الرجال وهنا يأتي دور المؤسسات التربوية والتعليمية لوضع الآليات والبرامج لاخراج قادة المستقبل. 1