إننا من خلال الحوار نكتشف القواسم المشتركةبين طرفين وأكثر ، ونجد أن الذي يقف في أقصى اليمين يتواصل على نحو ما مع الذي يقف في أقصى اليسار؛ لأن الحوار يتطلب بطبيعته بلورة قواعد جديدة واكتشاف أرضيات لم يسبق لنا عهد بها. إن الحوار بالنسبة إلى الكبار أشبه باللعب بالنسبة إلى الصغار، ولو أنك أعطيت مجموعة من الأطفال دراجة –مثلاً- ليلعبوا عليها فإنك ستجد أنهم خلال دقائق توصلوا إلى بلورة قاعدة لتداولها والاستمتاع بها، وهكذا نحن الكبار فإننا في حوارنا المتواصل مع بعضنا ومع أسرنا وأطفالنا نستطيع بلورة العديد من المبادئ والأدبيات والرمزيات التي تجمع بيننا، وتقربنا من بعضنا . إن الحوار يحجم الخلاف في العديد من الأمور،يزيل سوء الفهم وسوء التقدير وسوء الظن الذي يسود في حالات التدابر والتجافي. وهذا يمهد الطريق للتعاون والتعاضد والعمل معاً وكأننا فريق واحد ناهيك عن المبادئ الفكرية والتوجهات الثقافية والفكرية . ولا بد هنا أن أشير إلى نقطة مهمة، وهي أن الحوار يُنعش فيمن نربيهم ونعلمهم الشهية لطرح الأسئلة، حيث إنه بطبيعته يتضمن ما لا يحصى من الأسئلة، إن المحاور يستفهم من محاوره عن بعض الغوامض، ويطلب منه الدليل على بعض ما يورده من أقوال وآراء ومسائل، كما أنه كذلك يعترض من خلال الأسئلة على بعض ما يقوله محاوره... وهذا كله يمرن الأطفال والناشئة والشباب والكبار على أن يفضوا بما في أنفسهم، وأن يسألوا عن الأشياء غير المنطقية وغير المستساغة مما يرون ويسمعون. والحقيقة أن كثيراً من ينابيع الحكمة يتفجر، وكثيراً من شرارات الإبداع والابتكار ينقدح ويتوهج من خلال الأسئلة التي يطرحها النابهون والسائرون في دروب النجاح والتفوق وأقولها وجنوني حكمة أنني تعلمت الكثير من الحوارفي ظل غياب نواتجة التي ترعرعت داخل نطاق أؤيد ولا أؤيد رشفة : للحوار مهارة خفية أدناها إياك أعني وإسمعي يا جارة وأعلاها كل إناء بما فيه ينضح