[size=4] نعم ( الذي يستقيم نصفّق له ) هكذا قالها أحد الإخوان من الجالية اليمنيّة عندما سألته مع من تنتمي في هذا الإنقسام ؟ . إنّ هذا الإنقسام المرّ صفعةٌ قويةٌ في وجه الحكمة اليمنيّة التي ما لبثت تنفكُ من طمع الحوثيين حتى انقضّتْ عليها وتيرة (بوعزيزي) , هذه الوتيرة التي أزاحتْ وأطاحتْ وفعلتْ فعائلها في حكامنا العرب . هؤلاء الحكام الذين كنّا نظن أنهم لا يموتون , فجأةً رحلوا وارتحلوا عن قصورهم في غمضة عين وصاروا في مهبّ الريح (يُؤتي الملك من يشاء وينزع الملك ممن يشاء). واليمن اليوم تمرّ – كمثيلاتها - بمحنةٍ أفقدتها التوازن وأنشبت فيها الخلاف وعززت بؤر الإرهاب وأضحت مستلقيةً تبيح عزتها لمن شاء وخدها لمن جاء , تلك اليمن التي كانت تبزّ بالرأي والحكمة والإيمان تتلوّى عن يمينٍ وشمالٍ علّها تجد من فيه الإخلاص كي يتبّنى أمر الخلاص من هذه النكسة التاريخيّة . إنّ المتتبع لما يحدث في داخل اليمن يجد أن البضاعة المزجاة - ألا وهي ثورة الشباب - التي يمجّدها بنو الأحمر ويتسترون تحت لباسها ويفعلون ما يفعلون هي الخاسر الأكبر في كل هذه الفتنة , ولو أنهم تركوا الشباب يمارسون حقهم في الحرية لحقّق كل طرفٍ مطالبه المنشودة ولَما آل بهم الأمر لِما هو عليه الآن , لكنه شجع السلطة واقتناص الفرص الخاطئة وتصيّد اللحظات الفاشلة , وفي خضم هذا ضاعت الحكمة اليمنيّة . إن الحزب الحاكم منذ بداية الأزمة إلى توهجها يلعب بشتى الأوراق الممكنة ويصبّ العسل في كل جمعةٍ علّ الأزمة تنفرج لكنْ هيهات هيهات والدم قد أُريق والفساد قد أُحيط واللعبة انكشفتْ في ظل قانون جائرٍ وديموقراطية ممسوخة , ولا مخرج من ذلك إلا بالتنحي فهل من رجل رشيد ؟! . أمَا بقيَ في اليمن من يُؤثر بهجتها على أطماعه , تلك البهجة التي قال فيها شاعر جازان حسن القاضيّ : مطارحُ لو رأى رضوان بهجتها ما اختار في الجنة المأوى ولم يقمِ لولا معالم دين الله تمنعني فضلّتها دون شكٍ عن ربا الحرمِ عندما زرتُ اليمن قبل أيامٍ لاحظتُ ما لم ألاحظه في زياراتي السابقة , كيف للألم أن يتمكّن من عيون الأهالي كل هذا التمكّن , كيف له أن يجثم على صدورٍ كانتْ ملؤها السرور , بل كيف لهم الإستسلام لفتنةٍ تعوّدوا عليها , أمَا عاد في أذهان علمائهم حكمةً ولا في أفواههم كلمةً , تقطعّت السبل وشُلّت الحركة وحسبي الله ونعم الوكيل . ثمّ ها هي زنجبار تنضم لهذا التصعيد الذي لا ينضب وتكمل مسيرة الإنشقاق وتلّبي مطالب المدّ الصفويّ في جزيرة العرب . في الحقيقة نحن أمام انقسامٍ هو الأول من نوعه وأطرافٍ تبدأ ولا تنتهي في هذه الفتنة المبعثرة التي حيّرت أذهان البسطاء من اليمنيين ولسان حالهم ( الذي يستقيم نصفّق له ) .