لكي يتحقق دور الإعلام العربي أولاً لابد له أن يصلح ذاته وينقدها ويطور من وسائله ويطور من عقول العاملين به ويمدهم بجرعات من مصل اسمه (الحرية) لكي يواكب العصر ويواكب تجارب الأخر وتطوره ويغير من أنماطه التي اعتاد عليها في تسيير أهدافه الموجهة عبر طرق تعتبر في هذه الأيام وبالمفهوم الحديث بائدة بعدها وبعد أن يكون قد أصلح جميع مواطن الخلل وسد جميع منافذ هجوم الغير عليه. قد يتمكن من أن ينقد غيره ويجاريه في إعلامه خاصة وأن إعلام الأخر قد تقدم عنه بمسافات كبيرة وواسعة بينما إعلامنا العربي في أول الطريق لأطول المسافات كما أنه يسير في اتجاه واحد وبفكر واحد وبصورة واحدة.بينما الإعلام الأخر يسير في كل الاتجاهات ويتناول جميع الموضوعات ويتجه بها إلي العالم اجمع ويخاطب بها الجميع ولا يخاطب بها شريحة معينة أوجهة بعينها.فنجد هناك صعوبة في إعلامنا العربي لكي يكون منتقداً لغيره وهو لم يستطيع أن ينقد ذاته..وطالما هو لم يتخط المحلية وطريقة التلقين والحشو التي ينتهجها حتى يتمكن بعدها من مناقشة ثقافة الغير وإعلامه وفكره( ففاقد الشيء لا يعطيه) فحري بالإعلام العربي أن يكون بجانب قربه لبيئته ومحليته أن لا ينسى أن يشارك العالم الذي يعيش ليس بمعزل عنه.خاصة في هذه الفترة التي نجد فيها العالم وقد غدا قرية واحدة ما يحدث في أي طرف فيها ينقل حياً للطرف الأخر (مهما أقيم من ستار حوله لمنعه من الانتشار) بينما إعلامنا العربي به قصور وبه ثغرات تسمح لغيره بتوجيه النقد له في كثير من المناحي من حيث مواكبة الحدث والاعتماد على الذات في صياغته وبيان وجهة النظر بطريقة حديثة ومشوقة تبعد به عن الرتابة والنمطية حتى يقارع بها إعلام الغير ومن سبقه في هذا المجال كما عليه أن يكن أكثر جدية وصدقاً فيما يطرحه وأكثر إقناعاً لذاته أولاً حتى يكن مقنعاً لغيره.وأن يتخلى عن كثير مما كان يراه في فترة من الفترات بأنه هو الصواب وهو الأمثل( أي من وجهة نظر واحدة) فلو نظرنا إلي إعلام الآخر نجد أنه بجانب هز الوسط يهز العالم في الجانب الأخر.بينما إعلامنا العربي يكتفي بهز الوسط فقط ولا يفكر أبدا في أن يهز الإعلام في الطرف الأخر.فكيف به منتقداً .لا بد له أن يبني قاعدة صلبة أولا تقوم على حرية الرأي وتقبل الآراء المختلفة وطرحها دون وجل وتصحيح المفاهيم الضيقة و تبني مختلف الاتجاهات والأفكار ووجهات النظر وعرض كل ما من شأنه أن يترك مساحة للحوار والنقاش وإبداء الرأي دون خوف أو وجل مع احترام الرأي الأخر لتخطي الحواجز المصطنعة والرقابة الذاتية وغير الذاتية ليكون أشجع وأقدر على مواجهة إعلام الغير بالصدق والحداثة والانسيابية في المعلومة وفي أي مجال يخوض فيه ويسمي الأشياء بمسمياتها.الحقيقية وأن يبتعد عن دفن الرأس في الرمال كما تفعل النعامة حتى لا يرى إلا ما يحب ولا يسمع إلا ما يشتهي فكيف يستاء من نقد الغير دون أن يكون له دور فاعل في تسيير دفة الحياة وفي مسايرة التحديث والذي هو من سنن الحياة.فيجب أن يكون الإصلاح للإعلام العربي- بيده (لا بيد عمرو) حتى نجرؤ بعدها على نقد الإعلام الأخر بصورة موضوعية خالية من إقحام الذات والمفاهيم التي يتبناها البعض ,لأنه عندما يجوز لك أن ترى وتسمع وتنتقد إعلام الغير كذلك يجوز للغير أن يرى ويسمع وينتقد إعلام غيره .فتطور وتقدم وإصلاح الإعلام العربي ضرورة من ضروريات الحياة وتقدم الإنسانية. 5