أسوأ ما قد يحصل لناقد أن ينقد أداء «المنار» فيحال أوتوماتيكياً الى «ضد المقاومة». الواقع، بالنسبة الى هذا القلم، هو العكس. بل إن إيماني بضرورة نقد الأقربين يتشدد كلما لاحظت، وبأسف كبير، غياب النقد الموضوعي واستتباب حال عقيمة من التبعية والإذعان لدى الجميع بمن فيهم أنصار المقاومة. مهنياً، كيف لنا أن نفسّر نشرة أخبار «المنار» مساء عيد الاستقلال اللبناني والخبران الأولان لا علاقة لهما ببلد المفروض أن «المنار» تنتمي إليه، وأن نشرة السابعة والنصف هي نشرته المفصلة بعكس النشرة التالية في التاسعة والنصف وهي موجهة الى العالمين العربي والإسلامي؟ كيف يكون اجراء إيران مناورات عسكرية لا تتضمن، من الناحية الخبرية الصرف، سوى التهديد؟ نفسه مما سمعناه تكراراً منذ سنوات؟ ما الجديد، إعلامياً، في هذه المناورات الى حد تغليبها على الخبر الرئيسي في يوم الاستقلال؟ بل ما الجديد في حرب الحوثيين ودولتهم الى حد أنه لا يستطيع الاصطفاف، بحسب الأولويات المنطقية، كيما يأتي في مكانه المناسب ضمن نشرة تبثها قناة لبنانية مساء عيد الاستقلال الوطني؟ ليس من واجب المواطن أن يواكب تغطية ميدانية دامت طوال النهار، بل الأفضل أن تتحقق «المنار» من أولوياتها الإعلامية وأن تدرك الى أي حد بمقدورها عدم مراعاة مشاعر لبنانيين كثر حين تقرر ترتيب عيد الاستقلال في وسط النشرة، علماً أن الخبرين السابقين لا يستحقان، مهنياً مرة أخرى، هذه الغفلة المؤسفة. من الناحية التقنية البحتة، على نشرة الأخبار أن تعكس واقع البلد الذي تنتمي إليه أولاً، ثم تنتقل الى الواقع الإقليمي فالدولي. حتى لو كانت المحطة أي محطة مرآة إعلامية لجهة معينة، فحفاظاً على مصداقيتها وضماناً لإيصال صوتها، يضرّ بها أن تخرج عن تقنيات العمل الإعلامي لأي سبب. ولا شك في أن الزملاء في «المنار» مدركون هذه الألف باء، إلا أنهم اعتقدوا أن تغطية وافية لوقائع يوم الاستقلال من شأنها أن تسوغ إحالة الخبر الى الصف الثالث من عناوين النشرة. وهنا عين الخطأ. صحيح أن الموقع الإلكتروني ل«المنار» أصاب الترتيب المناسب، ولكن كنا بغنى عن تلقيم «الخصوم» سؤالاً جارحاً: لبنان أولوية أم إيران؟