ذهب إلى صراف الراجحي في اليوم الأول من الشهر . وهو اليوم الوحيد الذي يشعر فيه بأنه مهم لدى عائلته ، حيث أراد أن يصرف ضمانه الشهري كعادته ، فتفاجأ بأن الصراف يعتذر منه لعدم وجود الرصيد ، تاهت به السبل وأعيته الحيل في الوصول إلى مدير الضمان ليستفهم عن السبب في تأخر ما يسد به رمق تلك الأفواه التي تنتظر ذلك اليوم ، فكتب رسالة إلى معالي الوزير يقول فيها : يامعالي الوزير أكتب لك هذه الكلمات وأسطر لك هذه الحروف وأنا أسبح الله كثيراً وأحمده بأن جعل تحت الوردة الواحدة أشواكاً كثيرة . وأحمده لأنني أعيش حافي القدمين فأتأمل حال من لا قدمين له فأهلل وأكبر . أكتب لك وأنا مستمتع بمنظر النجوم ليلاً فلا لمبة تؤثر على عيني لتحجب عني لمعان النجوم ، لا أريد قرضاً يثقل كاهل حياتي ، ولا أحلم فأنا مؤمن أن أحلامي لا تتحقق ، أرى الناس يسرحون ويمرحون بين مكاتب خطوط الطيران المختلفة طمعاً في الحصول على تذكرة توصلهم إلى منتجعات بيروت القريبة أو جزيرة بالي البعيدة في ذات الوقت الذي لا أستطيع فيه أن أزور جزر فرسان التي لا تبعد عنا كثيراً لأن فكري مشغول جداً بأوراق تثبت لمدير مكتب الضمان الاجتماعي بأن أبنائي على قيد الحياة ليتم صرف ضماننا الشهري !! يا معالي الوزير هل تصدق أن أبنائي مقنتعون تماماً أن سيارة الآيسكريم هي سيارة لنقل المرضى والمصابين حتى لا أفتح جبهة تزيد معاناة الحياة على عاتقي في ذات الوقت الذي لم أستطع أن أثبت لمكتبكم أن أبنائي على قيد الحياة رغم أن كذبتي على أبنائي سر لأول مرة أذيعه قد يستغله الناس لاتهامي بالكذب ولكن ما حيلة المضطر إلا الركوبا . لم يكن إحضار أبنائي لمكتب المدير سبباً مقنعاً له باعتماد صرف الضمان فجاء الفرج عبر مدير المدرسة الذي كتب ورقة تشهد بانتمائهم لذلك الصرح ونسي أن يكتب في الهامش أن وجبة إفطارهم على حساب المقصف وتحت بند الخير وأعمال البر . يا معالي الوزير ما ذا لو لم أجد مدير المدرسة أو كانت معاناتي مع بداية الشهر القادم رمضان الذي تكون فيه كل مدارسنا خارج الخدمة ؟ هل سأنتظر كثيراً لحل هذه العقدة التي يراها مدير مكتبكم أكبر من مشكلة إيران مع العرب أو مع بني العم سام ؟ ماذا سيكون لو كان أبنائي لا يدرسون ؟ كتبه : مواطن فقير . صالح بن إسماعيل القيسي الرياض [email protected]