رغم إنتمائي لقائمة المتفائلين من مستقبل الفكر والثقافة في مجتمعنا نتيجة مانشاهده من تنوع فكري وحراك ثقافي بين طبقات المجتمع إلا أنه لايزال يقلقني كثيراً مايحدثه الإنصدام العقلي والإنقياد العاطفي من إنحرافات ثقافية تغلق تلك النوافذ التنويرية وتتسبب في عرقلة التواصل الفكري بين التيارات المختلفة , وهناك نماذج واقعية ومشاهد حقيقية لإنحرافات ثقافية في مجتمعنا , ولازلت أتذكر جيداً عندما وقف الدكتور الجامعي وصرخ بصوته مخاطباً طلاب القاعة هل يوجد بينكم شيعي , ثلاث مرات رددها فلم يرد أحد , ختمها بقسم يقشعر منه البدن بأنه لواكتشف أي شيعي بين طلابه في القاعة لن ينجح , هنا إنحراف خطير في ثقافة الدكتور التربوية وخطأ لايغتفر, وحتى على صعيد الفتاوى والثقافة الإسلامية نجد بعض المتشددين يطلقون فتاوى يكفرون فيها ويحللون مستندين على تصورات خاطئة وقواعد غير مناسبة للحدث فتجد البعض يكفر كل شخص يتسامح مع غير المسلمين اومع بعض المفاهيم المختلفة من قيادة المرأة للمركبة الى قضايا الإختلاط والعمل وغيرها ومثل هذه الفتاوى التكفيرية تعد إنحراف واضح في ثقافة الفرد الإسلامية والتي الأصل فيها التسامح والوسطية لا التكفير والتهجير والترهيب . حتى الثقافة الوطنية لدى بعض المسؤولين تعاني من إنحراف ويكون الإنحراف في هذه الحالة عندما يفخر المسؤول بقبيلته أكثر من وطنه ويدافع عن تقاليدها المتعارضة مع العقيدة والمخالفة لتعاليم قادتنا من نبذ روح التعصب القبلي .في إحدى المناسبات كنت في حوار مع أحد المسؤولين حول ضرورة التصدي للعادات القبلية المخالفة لديننا الحنيف فكان رده بمثابة الصدمة لي شخصياً بذكره أن مثل تلك العادات هي أعراف قبلية لاعلاقة للدين ولا الدولة بها ولاتحدث ضرر ,وكان معظم حديثه تفوح منه رائحة العصبية القبلية , حينها أقفلت حديثي معه بجملة واحده \" قبيلتي هي الوطن ياسعادة . .! لابد أن نعطي العقل مساحه حره من تحريض طاقته المكتملة في التفكير , وأن نتمتع بمرونه وقابلية لفكر وثقافة الغير ,لا نتعصب على ثقافتنا حتى تنحرف وحينها يكون تأثيرها سلبي على مسارنا في الحاضر والمستقبل , وهناك الكثير من الإنحرافات المتعددة في ثفافات مختلفة منها الرياضية والفكرية والدينية وإلإقتصادية والسياسية . إحذروا من الإنحراف الأخير !