في القرآن الكريم مئات الآيات الكريمة التي تتعلق بعلم الكون، والفلك، والإنسان، والبحار، والأرض، منها ما كشف العلم عنها، وعن مضامينها، ومنها ما لم يكشف بعد، ويستطيع الباحث أن يستخلص من هذه الآيات بعد درسِها بصورة منهجية، وعلى ضوء ما ثبت من العلوم الفلكية والكونية والأرضية الخطوطَ الرئيسيةَ لهذا العلم الأخاذ، الذي يعطينا فكرة علمية عن قدرة المولى وعظمته سبحانه وتعالى. وشرح الدكتور محمد راتب النابلسي، الأستاذ المحاضر في كلية التربية بجامعة دمشق، خطيب ومدرس ديني في جوامع دمشق الظاهرة . هناك كلمة في القرآن الكريم ( البرزخ )، نتمنى من فضيلتكم أن نتعلم من خلال هذه الكلمة معناها، ودقة التفصيل في هذه الآية الكريمة: مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ (19) بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لَا يَبْغِيَانِ (20) فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ 21) (سورة الرحمن) أي إن هذا البحر مضطرب، فيه أمواج، وحركة دائبة، ولهذه الحركة مزية كبيرة في بقاء مياه البحر بعيدة عن أن تكون مياه آسنة، فهذا البحر يضطرب، وقد يلتقي البحران. مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ )19) مثلاً : البحر الأسود يلتقي مع البحر الأبيض في البوسفور، والبحر الأبيض يلتقي مع البحر الأحمر في قناة السويس، والبحر الأحمر يلتقي مع البحر العربي في باب المندب، والبحر الأبيض يلتقي مع المحيط الأطلسي في مضيق جبل طارق، هذه أماكن تلتقي فيها البحار، والمفسرون كما تفضلت هذه الآية لم تكن موضحة في أذهانهم، أين هذا البرزخ ؟ حينما اكتشفت المركبات الفضائية، وحينما تمكن الإنسان من أن يصور الأرض من الفضاء اتضح في هذه الصور أن بين كل بحرين خطاً وهمياً، هو خط تمايز لونين، فهذه منطلق الفكرة لفهم هذه الآية. فبعض علماء البحار نزل إلى باب المندب، أو إلى مضيق جبل طارق، أو إلى قناة السويس، فكأن هناك خطٌّ بين كل بحرين يمنع تداخل مياه البحرين بعضمها في الآخر، ذلك أن العلماء قاسوا ملوحة كل بحر، ومكونات كل بحر، وكثافته، فإذا هي متباينة الكثافة والمكونات والملوحة، والخصائص ثابتة لا تتبدل حتى عند التقاء مياه البحرين اطلعتُ على بحث مفاده أن بعض علماء البحار أتى بكم كبير من قصاصات الورق، ووضعها في هذا المكان الذي يبدو فيه الحاجز بين البحرين، فلم تنتقل إلى البحر الآخر، فاتضح أن بين البحرين برزخاً، أي حاجزاً موجودًا، أما طبيعته فلا تزال غامضة. شاهد الفيديو