قدّم عدد من الشباب السعودي في منطقة عسير أفكاراً استثمارية لافتة من خلال مشروعات اقتصادية صغيرة وظفوا خلالها المقومات السياحية والبيئة الخلابة للمنطقة. وأظهرت بعض المشروعات الشبابية الجديدة في مدينة أبها وضواحيها، التناغم المدروس بين الأفكار التسويقية العصرية والتراث المادي والمعنوي العريق للمنطقة والآثار التي يعود بعضها لعدة قرون. استغلال الطبيعة ففي قرى بني مازن على ضواحي أبها، أطلق عدد من شباب إحدى القرى مشروعاً سياحياً يديره ويعمل في جميع تفاصيله أبناء القرية دون الاعتماد على أي عمالة وافدة، مستغلين الطبيعة الخلابة للقرية، إذ تم تجهيز موقع لاستقبال المصطافين وزوار المكان وسط المدرجات الزراعية التي تشتهر بها المنطقة، مع ترميم عدد من البيوت الأثرية الموجودة في محيط الموقع، ممّا شكل تجانساً وتكاملاً بين عراقة الماضي ومقومات السياحة الحديثة. وأفاد المشرف على فريق العمل محمد المازني أن فكرة المشروع جاءت من حماس أبناء القرية لإيجاد مكان مناسب لاستقبال المصطافين وزوار قرى بني مازن، التي تشتهر بجمال الطبيعية على مدار العام، خصوصاً أن هذه القرى ما زالت بكراً ولا توجد فيها مشروعات سياحية تتوازى مع حجم الإقبال عليها من السياح والمصطافين الذين يأتون من جميع مناطق المملكة، إضافة إلى الزوار من خارج المملكة وخصوصاً في فصل الصيف. وتابع: فريقنا يتكون من سبعة شباب، بعضهم ما زال يدرس في الثانوية العامة والجامعة، إذ تم الاتفاق بيننا على استغلال فترة الإجازة في عمل مفيد للجميع، يخدم المجتمع المحيط، فنحن نستقبل الزوار من خلال توفير جلسات عائلية خاصة تطل على المدرجات الزراعية وسط أجواء لا تزيد فيها درجة الحرارة على 26 درجة في أشد فصول السنة حرارة، ثم نقوم بخدمتهم من خلال تقديم المشروبات الساخنة وبعض المأكولات الخفيفة، ولا نستعين بأيّ عمالة وافدة. وأضاف: الموقع ضمن أملاكنا الخاصة، وأقمنا عليه المشروع الصغير من خلال قروض مالية شخصية ودعم من الأهل والأقارب، ونطمح لتطويره مستقبلاً. مقهى الحصن وفي حي مقابل أو البسطة الذي يعد أقدم وأعرق أحياء أبها ويحتوي مواقع أثرية مميزة من أشهرها «الجسر العثماني»، تواجد الشاب أنس بشاشة، الذي يدير ويعمل مع بعض إخوانه وأصدقائه في نزل سياحي اتخذ من أحد الحصون التراثية التي يشتهر بها المكان موقعاً له. وتدور فكرة المشروع حول ابراز حصن يزيد عمره على 150 عاماً، حيث قام باستئجاره وترميمه قبل عامين تقريباً، للاستفادة من المقومات التراثية الأصلية لهذا الموقع في مشروع استثماري يجمع بين عبق الماضي ومعطيات العصر الحديث، من خلال جلسات شعبية نقدم فيها بعض المشروبات الساخنة التقليدية مثل القهوة والشاي، ثم طور المشروع بالتعاون مع أخوه الأصغر، فأصبح يقدم المأكولات الشعبية مثل خبز الخمير والعريكة، مشيراً إلى مشاركة عدد من الشباب والفتيات المتطوعين في تزيين الموقع بلوحات فنية تعكس ملامح تراث المنطقة وخصوصاً «القط العسيري». قهوة وحلوى وأبرز ما يلفت نظر الزائر إلى أبها، الحضور الكبير للشباب السعودي الذي يعمل في مختلف المواقع لتقديم خدمات الوجبات والمشروبات السريعة، وبخاصة على الحزام الدائري للمدينة، ومنهم محمد سعيد القحطاني الذي يملك محلاً لتقديم مختلف أنواع القهوة المعروفة عالمياً، من خلال مشروع يعمل فيه بنفسه، وعدد من أقاربه. يقول القحطاني: بدأت وعدد من الشباب من أقاربي قبل سنتين في مشروع صغير ضمن ما يطلق عليه «فود تراك» ونجح بشكل كبير، ثم فتحنا محلاً ثابتاً على الحزام الدائري، ويعمل فيه الآن خمسة شباب، ممن يعدون جميع أنواع القهوة والحلويات المختلفة، بعد أن تدربوا عليها بشكل علمي واحترافي من خلال دورات متخصصة في جدة. وأكد أنّ القرارات الأخيرة لوزارة العمل، أسهمت بشكل كبير في إعطاء فرصة للمنافسة الجادة في سوق العمل . وقال: «لاشك هذه القرارات الحكيمة أعادت التوازن لسوق العمل، وقللت من سيطرة الوافدين عليه، وأعطتنا مجالاً أوسع للمنافسة الشريفة لخدمة وطننا». يذكر أن التقرير السنوي لوزارة العمل والتنمية الاجتماعية أظهر عام 2016، تنامي المنشآت الصغيرة والمتوسطة ومساهمتها في الناتج المحلي للمملكة بنسبة 20 %، وبلغت نسبة العاملين السعوديين في هذا القطاع 34 %. تحويل مدرجات زراعية إلى مطعم عائلات استثمار وعمالة سعودية