في زمن من الأزمان كان يعتقد أن انتشار التدخين في المجتمعات كان سببه الجهل بالأضرار الصحية الناتجة عن التدخين وأن الأطباء هم الداعمين الأساسيين لبرامج مكافحة التدخين . لكني سأتناول مجموعة من الدراسات والشواهد التي تثبت عكس ذلك . مررت خلال فترة دراساتي بكلية الطب (جامعة القاهرة) ودخولي للمستشفيات (مصر والسعودية) بمجموعة من الشواهد جعلتني أقول بأن الأطباء يقولون مالا يفعلون ، وبما أني طبيب فلا بأس أن تقولوا وشهد شاهد من أهلها. ولا أخفيكم فإنني كطبيب لا أرى تصرف مخجل في مهنة الطب أكثر من تدخين الأطباء ، كانت الشواهد التي حولي تدل على أن الأطباء المدخنين يشكلون نسبة خيالية لكنني كنت أعتبر نفسي مبالغا في ذلك إلى أن قرأت إحصائية لنسبة المدخنين في القطاع الصحي بمدينة الرياض تبين أن نسبة المدخنات من الطبيبات 16 في المائة ونسبة المدخنين من الأطباء 48 في المائة . لا تتفاجئ أخي القارئ من هذا فعندي من الشواهد ما تجعلك تؤمن بمصداقية هذه الدراسة . أغرب هذه المشاهد أحضرها لكم من أحد مدرجات كلية الطب التي يحاضر فيها أحد كبار الأساتذة علما ومنصبا من أبرز سمات هذا المحاضر أنه لا تكاد تنتهي محاضرته دون أي يشعل إما سيجار أو غليون دون أن يبالي هذا المحاضر أنه قدوة لأجيال من طلبة كلية الطب وموقف آخر لطبيب جراح دخل لغرفة العمليات ليستأصل ورما سرطاني سببه التدخين ثم يخرج هذا الطبيب ليشعل سيجارته ليريح أعصابه على حد قوله بعد عملية جراحية استغرقت ساعات من التركيز إذا كانت هذه الشواهد لم تكفيك لتصديق أن الأطباء يقولون مالا يفعلون ، فتمعن في ما أثبتته أحد الدراسات أن الأطباء والعاملين في القطاع الصحي، وطلاب كليات الطب يشكلون نسبة تتراوح ما بين 30إلى 50 في المائة من شريحة المدخنين في دول مجلس التعاون، بينما تصل نسبة الطبيبات الخليجيات المدخنات إلى حوالي 15في المائة من إجمالي شريحة المدخنين الخليجيين. من ما سبق لا أجد حرجا في فشل الحكومات على مر العقود في الحد من انتشار ظاهرة التدخين ، لأنه قبل ذلك فقد فشلت كليات الطب في تخريج أطباء يعملون بما يعلمون كل الذي ذكرته والذي لم يكفيني هذا المقام في أن أذكره أوجد عندي هذا التساؤل كم من العلم في الطب أيها الطبيب يكفي أن يردعك عن هذا التصرف ؟وكم من العبر لابد تشاهدها في عيادتك حتى تعتبر ؟فسيجارتك أيها الطبيب تعادل ألف سيجارة من غير الأطباء لأنكم أيها الأطباء تعلمون مالا يعلمه غيركم عن هذه الظاهرة الخطيرة ولأن تصرفكم هذا حجة للمدخنين لا حجة عليهم . *بكالوريس طب وجراحة جامعة القاهرة