الأمطار التي هطلت مؤخراً على محافظة جدة أشبه بفيضان اجتاح أرجاء المحافظة، وتركز بشكل كثيف في شرق ووسط وجنوب مدينة جدة، مما أدى حينها الى إغلاق جميع المحاور للطرقات الرئيسة؛ بسبب كمية وغزارة الأمطار التي تفوق المعدلات الطبيعية، حيث انغمرت الطرقات بالمياه والطين الذي وصل إلى أكثر من خمسين سنتمترا، ونتج عن هذا وفيات وحجز الموظفين والطلاب والطالبات في مدارسهم والجامعات، بالاضافة الى تدمير المركبات والممتلكات وهدم وتدميرالارصفة وتحفير وتصدع الاسفلت بالشوارع. وعلى اثر ذلك استنفرت كل الأجهزة الحكومية على الفور في مهامها وتعاملت مع الحدث كل فيما يخصه، حيث أن فرق الدفاع المدني أنقذت بواسطة 18 طائرة وعبر90 طلعة جوية 497 شخصاً، فيما أنقذت الفرق الميدانية للدفاع المدني بالتعاون مع حرس الحدود باستخدام 30 قارباً 951 شخصاً، و273 شخصاً باستخدام الآليات الأخرى. كما بدأت أمانة المحافظة باستخدام 2790 معدة و125 فرقة بمكافحة الأمراض الحشرية، وأكثر من 5000 عامل و500 صهريج بشفط المياه، ومع هذه الجهود، وبعد مرور ثلاثة اسابيع عل الاجتياح المائي الكبير، إلاّ أن بعض طرقات وشوارع جدة لا تزال الى اليوم ترزح تحت وطأة الحفر والشوارع المتصدعة والأرصفة المهدمة والمياه الجارية من المواسير المتفجرة والمثقوبة. معاناة الأهالي "الرياض" التقت بساكني هذه الشوارع وتحدثوا عن معاناتهم مع الحفر المغمورة بالمياه في الطرقات التي تهدد حياتهم وحياة أطفالهم؛ حين ذهابهم للمدارس ومع المطبات التي تسببت في تلف المركبات، وطالبوا الأمانة بكثافة التحرك لتدارك الوضع، وردم الحفر وايقاف تسرب المياه من تحت الأرض لأنها تشكل خطرا عليهم. نفايات وقاذورات متجمعة في شارع خالد بن الوليد وقال "أحمد المطوع" -من ساكني شارع خالد ابن الوليد جنوبجدة- إن الشارع والأحياء المتفرعة منه تعاني تصدع الاسفلت والحفر التي تتسرب منها المياه الملوثة بكثافة، وتشكل خطرا بيئيا ونفسيا عليهم واطفالهم الذين يخرجون إلى المدارس مشياً على الاقدام، مما يضطر أولياء الأمور إلى مرافقتهم في عبور الشوارع خوفاً من سقوطهم في الحفر التي تغطيها المياه. وأكد "سيف القحطاني" -من ساكني طريق المدينة- على أن الطريق باتجاه الجنوب من أشد الشوارع المتضررة التي تصدعت، وتكثر فيها المطبات والحفر والمياه المتسربة من المواسير المخفية، وقال: يشق علينا كثيراً خروجنا من المنزل سواء على مركباتنا أو سيراً على اقدامنا، كما أن "شارع فلسطين" العام توجد به اسلاك كهربائية ظهرت على الرصيف لا يعرف مصدرها ولكنها تشكل خطراً على المشاة. وأضاف "هاني مدني" ان شارع التوبة في حي الشرفية أيضاً تتسرب منه المياه، وما يزال هناك مياه راكدة بالقرب من مدرسة البنات، وهي مصدر للبعوض والحشرات، مؤكداً على أن النفايات لا تزال تركن في الحي داخلياً وتنبعث منها رائحة كريهة وتتجمع عليها الحشرات ويهاجمهم البعوض ليلاً، بالاضافة إلى الحفر والمطبات وخصوصاً في منطقة الإسكان العام. وأشارت المعلمة "سعدية مبارك" إلى أنها تعاني كثيراً من المطبات والحفر في حي بني مالك التي تتعرض لها سيارتها عندما تذهب صباحاً وتعود مساءٍ مع السائق، مع أن سكنها قريب من المدرسة التي تعمل بها، إلاّ أن المسافة تطول لمحاولتها الابتعاد عن الحفر والمطبات داخل الحي، حيث أدخلت سيارتها الصيانة؛ نتيجة للتلف الذي لحق بها لكثرة المطبات. وأكدت الموظفة في المجال الصحي "هند سلطان" على أن شرق الخط السريع، مثل: حي السامر والأجواد والمنار مازالت تتدفق فيهما المياه الجوفية بكميات كبيرة، وتنبعث منها رائحة كريهة جداً، وشوارعها مليئة بالمطبات والاتربة والغبار الذي يسبب الربو والحساسية، خصوصا للأطفال وكبار السن. وقالت شاهدت بأم عيني سائقي المركبات وهم يضعون الطوب أو الكرتون أو ما يتوفر في الطريق يضعونه أمام المطب أو الحفرة الشديدة إعلاناً منهم للاخرين لوجود حفرة ومطب في المكان. مطالب عاجلة وطالب سكان الأحياء والشوارع التي مازالت متضررة الأمانة بسرعة التحرك وكثافة العمل؛ لتدارك الوضع السيىء الذي خلفته السيول من الحفريات والشروخ والانكسارات والانخفاضات والارتفاعات في شوارع وطرق جدة، ووضع حلول جذرية عبر تجفيف منابع المياه واصلاحها جيداً وردمها وسفلتتها؛ لأنها باتت تهدد صحة السكان وتضيق انفاسهم وتتلف مركباتهم، وتتسبب ايضاً في عرقلة الحركة المرورية وشكلت معاناة كبيرة لقائدي المركبات والمشاة. وطالبوا بإزالة أكوام التراب الذي يسبب الغبار، وبناء وتشييد الأرصفة التي تهدمت، وإصلاح الانارة ورش المبيدات الحشرية، وازالة المياه الراكدة واصلاح اماكنها وتعليق لافتات على الأماكن الخطرة، والاماكن التي يجري العمل فيها وتستغرق وقتاً طويلاً، كما طالبوا بضرورة مراقبة شركة النظافة؛ لأنها بطيئة في رفع النفايات التي تملأ حي رويس والشرفية وبني مالك وشارع خالد بن الوليد، مؤكدين على وجوب مضاعفة الإنارة في الأحياء المتضررة؛ لأنهم متخوفون من السقوط في الحفر ليلاً؛ لعدم توفر الإضاءة الجيدة في هذه الاحياء، خاصة في مثل هذه الظروف.