أعزائي القراء الكرام، أسعد الله يومكم بكل خير وبركة، سوف آخذكم الآن برحلة، على خط حياة شاب سعودي عاش الطفرة، ولا أقصد به ذلك الشاب الذي يظن أن معنى (الطفرة) الزيادة والتطور والوثبة، ولم يجرب معناها الحقيقي، ويذوق مرارتها، ولا أقصد ذلك الشاب الذي يملك المفتاح السحري لكل الأبواب المغلقة، وإنما أقصد بالشاب السعودي ذلك المنحدر من عائلة من ذوي الدخل المحدود والتي أخشى أنها بدأت تنقرض، لتخرج لنا بعدها طبقة جديدة بمسمى طبقة (ذوي الحديدة) أقصد أيضًا ذلك الشاب الطموح والذي رأس ماله كما قال محمد عبده حلم وآمال وطموح، لا يملك أكثر من ذلك، وإذا ملك زيادة فشهادته ودعاء والديه. استعدوا للانطلاق، واربطوا الأحزمة، فالرحلة شاقة متعبة ومرهقة، فهناك من المطبات والحفريات ما قد يعيق رحلتنا، ورحلة صاحبنا في هذه الحياة. بسم الله انطلقنا، اللهم أعنا على وعثاء السفر وكآبة المنظر، بادئ ذي بدء سنتجاوز مرحلة الطفولة لأنها أكثر من عادية (أذية ومناقز) وأقصى فرحتها سيكل، ونبدأ من مرحلة المراهقة مع ما فيها من (حومه) و(فلة احجاج) لنبدأ منها جولتنا الفعلية حيث سنمر بعدها بعدة مناطق، فأولها منطقة الوظيفة، ولعل هذه المنطقة من أكثر المناطق مطبات وحفرًا، فبين كل حفرة وحفرة مطب، فهذه أول حفرها وهي حفرة المعدل التراكمي واختبارات القياس والاختبار التحصيلي، وإن قدر له أن يخرج منها فهناك مطب القبول في الجامعة، والذي أحيانًا يحتاج معه إلى مفتاح صاحبنا السابق، وإن قدر واجتاز مطب القبول والجامعة وخرج، فهناك حفرة عميقة جدًا حتى يخرج منها لا بد له من سلم قوي ومفتاح سحري، أو اللف على كل الجماعة والجيران للبحث عن فيتامين، حتى يجد وظيفة، نخرج الآن من منطقة الوظيفة إلى منطقة الزواج، إذ لا يمكن الوصول إليها عند هذا الكائن الحي إلا عبر منطقة الوظيفة، ولا تغركم ألوانه الوردية التي في أوله ولا يرهبكم سواده الخفيف في أوسطه وآخره ففيه مطبات وحفريات ولكنها أخف من سابقها، الآن أيها الركاب الكرام سندخل إلى المنطقة المظلمة والحفرة العميقة، وهي نقطة التقاء قسم الوظيفة والزواج، وتتميز بأنها بلا مطبات بل حفرة واحدة بحجم (مقلع طمية) وبداخلها عدة حفر، وقد يتطلب الخروج منها سنوات، لذلك فهي منطقة سوداوية لا يرى قاعها، وفيها عدة حفر، حفرة الإيجار وارتفاع تكلفة المعيشة، وحفرة شراء أرض، وهذه سوف (يفحط) فيها سنوات، وحفرة امتلاك منزل، وسبحان من بيده المُلك. ما زال هناك العديد من الحفيرات والمطبات، ولكن حرصًا على نفسياتكم، أعزائي الركاب نُنهي رحلتنا المؤلمة. أنا متأكد أن أغلبنا عانى من هذه المطبات والحفر، فحياة شبابنا شبيهة ببرنامج المسابقات الياباني الحصن، فكلهم في البداية حماس، فمنهم من يسقط من أول عائق ومنهم من يجتاز، وبعد كل عائق يقل عدد المجتازين، إلى أن يصل إلى النهاية، وبعد انقطاع النفس، والتعب والإجهاد، القلة القليلة تجتاز. [email protected]