مما لا شك فيه أن التعليم هو أحد المحددات الأساسية لصحة الإنسان. وحيث أنه لا يمكننا الحديث عن التخطيط للوطن بمفرداته وتفصيله دون أن نعرج على التعليم. واعتقد أنه من الظلم الإكتفاء بمقالين للحديث عن التخطيط للوطن لا سيما أن التخطيط يتم تدريسه ضمن مناهج ودورات ويحتاج إلى دراسات وبحوث ميدانية حتى يؤتي أكله على الوجه المطلوب، وإليكم سيداتي سادتي المختصر ولعله أن يكون مفيد. على الرغم من أهمية تعزيز الصحة من خلال التعليم على كافة مستوياته وحيث أن التعليم هو أحد المحددات المهمة للصحة. إلا أنه حتى وقتنا الحاضريسود التعليم في بلدان العالم العربي وعلى كافة مستوياته أساليب ومنهجيات تقليدية وكذلك سلبيات أخرى لا يتسع المكان هنا لذكرها. كما لا يخفى على المختصين في منهجيات التعليم ما أثبتته البحوث من أن أساليب التعليم التقليدية قد تؤدي إلى إخراج فئة من المتعلمين يفتقرون إلى المهارات الأساسية للبحث عن المعلومة وعدم القدرة على ربط العلوم النظرية المتلقاه بواقع الحياة العملية وعدم القدرة على التعامل مع ما قد يواجهه الفرد من مشكلات. وقد يؤدي ذلك إلى فشل في ترجمة العلوم إلى سلوكيات يطبقها المتعلم في حياته العملية. والقصد هنا أن من أسباب إخفاقاتنا السابقة قد يُعزى إلى التأخر في التخطيط للتعليم وعدم ربطه بالسلوكيات الصحية وغير الصحية للإنسان وعدم وضوح الرُؤى في تحديد احتياج سوق العمل الصحي (إلا من رحم ربي). ويحضرني في هذا السياق توجيهات صاحب السمو الأمير/ خالد الفيصل آل سعود يحفظه الله عند توليه مهام الأمارة بمنطقة مكةالمكرمة حيث كان من ضمن توجيهات سموه وضع خطة تطويرية تمتد لعدة سنوات للخدمات الصحية بمحافظة جدة. وكان لي شرف المساهمة في هذا العمل ضمن مهام عملي حينها. ممابعث في داخلي الأمل في تطويرالخدمات الصحية المقدمة للمواطن والمقيم حيث أدركت مدى وعي القيادة العليا وتبنيها لمبدأ التخطيط. ولكن هل يكفي التخطيط للخدمات الطبيه وللكوادر العاملة بها فقط؟ ........سأترك الإجابة مفتوحة وقد نجد الإجابة في مقال الأسبوع القادم. كماأنه لا يختلف اثنين على أن هناك عجز في عدد القوى البشرية المؤهلة و المسئولة عن النهوض بتخصصي الصحة العامة وتعزيز الصحة واللذان يأخذان في اعتبارهما محددات الصحة حيث لا يقتصر هذا العجزعلى بلادنا فحسب ولكن هي مشكلة تعاني منها الكثيرمن بلدان العالم. ونظرًا لإحتياج منطقة مكةالمكرمة المُلح لمجالات هذا التخصص في ظل زيادة معدلات بعض الأمراض المعدية وغير المعدية وكذلك ديموغرافية المنطقة المتقلبة وخاصة في موسمي الحج والعمرة والمشكلات البيئية التي تعانيها مدن المنطقة والكوارث البيئية والطوارئ التي تشهدها مدن المنطقة نتيجة تقلبات الجو والإحتباس الحراري وما ينتج عن تغيرات في طبيعة المنطقة المناخية وجميعها في نظر المختصين تشكل عوامل خطورة ومحددات لصحة الإنسان. وسوف أتناول في الجزء الثاني من هذا المقال مقترح لتأهيل كفاءات متخصصة في هذا المجال الحيوي تحت عنوان محددات الصحة ونداء للوطن. *رئيسة قسم تثقيف المرضى وعائلاتهم بمستشفى المساعدية للولادة والأطفال *إستشارية طب المجتمع